كل يوم
القرية العالمية.. للأسعار المرتفعة
تحقيق أرباح لا يعتبر دائماً المؤشر الرئيس إلى النجاح، خصوصاً إن كنا نتحدث عن مشروعات لا تندرج تحت مفهوم عمليات شركات القطاع الخاص. بالتأكيد المال يساعد على التطوير دائماً، لكن في بعض المشروعات المهمة يمكن الحصول عليه بالشكل المطلوب من دون أن يكون الهدف الرئيس الواضح والمعلن هو كسب المزيد منه عن طريق تحقيق أعلى نسبة ربح ممكنة، على حساب أشياء أخرى.
ربما يكون مشروع القرية العالمية خير مثال على ذلك، فالهدف من إنشائها ليس ربحياً صرفاً، أو على الأقل هكذا فهمنا من تجارب السنين الماضية، فالقرية العالمية كفكرة تعتبر رائدة، واستطاعت خلال السنوات القليلة الماضية أن تصبح متنفساً عائلياً ووجهة سياحية مهمة لكثير من المواطنين والمقيمين والزوار، وبكل تأكيد وجود القرية لفترة ثلاثة أشهر يحقق الكثير من الفوائد والعوائد الاقتصادية الجيدة على دبي، بعضها قد يكون مباشراً من عوائد القرية ذاتها، وبعضها، وهو الأهم، العوائد والفوائد الاقتصادية غير المباشرة من وجود مشروع القرية العالمية، فجميعنا يلاحظ توافد الزوار عليها من مختلف البلدان والجنسيات، وجميعنا يلاحظ الحركة غير الطبيعية على تلك المنطقة التي تعتبر بعيدة نوعاً ما عن وسط المدينة، ما يعني أن القرية تسببت في إحياء تلك المنطقة، إضافة إلى ذلك حجم حركة السياح والزوار وتنقلاتهم عبر وسائل المواصلات المختلفة وتحريكهم دورة الاقتصاد بسبب حبهم زيارة هذا المتنفس السياحي الجميل.
من هنا، كان حرياً بالمسؤولين عن القرية العالمية أن يبذلوا جهداً مضاعفاً لاستقطاب أكبر عدد من الزوار، ويعملوا على مضاعفة الأرقام بطرق ووسائل تحبّب الناس وتجذبهم لإعادة زياراتهم القرية مرات عديدة في كل أسبوع، وضمان استمرار تهافت الناس على القرية ومضاعفة زوارها، يأتيان بوسائل عديدة وأساليب ترويجية وتسويقية كثيرة، ولا أعتقد أبداً أن زيادة الأسعار عنصر ضروري في عملية التسويق والترويج لهذا المشروع.
نعم، لقد لاحظ الجميع في هذا العام ارتفاعاً في أسعار كل شيء، في كل أجنحة القرية ارتفاعات ما بين 30 و40٪ وأحياناً أكثر بكثير، ترافقها ارتفاعات في أسعار المطاعم والوجبات لدرجة كان سعر «الساندويتش» الواحد يصل إلى 25 درهماً في بعض الأماكن، و«ياليته يسوى»!
«راعي الكرك»، والكرك هو بالضبط شاي بحليب، يعني ماء حار مع أكياس «ليبتون» وقليل من علبة «رينبو» تكفي لعشرات الأشخاص ولا تكلف على بعضها 10 دراهم، صاحبنا يبيع الكوب الواحد بخمسة دراهم، سألته عن السبب فالجميع يعرف سعر كوب الكرك خارج القرية فأجاب: هل تصدق أنني أدفع إيجاراً لهذا الكشك الصغير قدره 75 ألف درهم، لقد رفعوا أسعار الإيجارات لهذا العام!
أما رُكن الألعاب فإنه قصة أخرى، وبصراحة شديدة لا أنصح أي ربّ أسرة لديه أكثر من طفلين بالمرور من جانب الألعاب، خصوصاً إن كان سقف راتبه لا يتجاوز 10 آلاف، لأنه بلا شك سيندم ندماً شديداً هذا إن لم يفقد أعصابه وعقله!
لا أعرف بالضبط لماذا كل ذلك، ولماذا قرر المسؤولون عن القرية التوجه إلى رفع أسعار الإيجارات ليثبتوا نجاح القرية؟ سلوك غير فعال ولا شك أن نتائجه لن تكون مُرضية ولا مفيدة على المدى البعيد.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه