رؤية
الأزمات الاقتصادية ودول «التعاون»
في ضوء المعطيات المستقبلية للاقتصادات العالمية، تصبح دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، لا تملك قدرة على امتصاص الأزمات الاقتصادية العالمية، أو الحد من تأثيراتها في أوضاعها الداخلية، سواء الاقتصادية أو الأمنية أو الاجتماعية، وحتى السياسية. كما أصبحت هنا أزمات اقتصادية، لا يد لدول المجلس في صنعها، ولا دخل لها في حدوثها، وهي من صنيعة الدول الصناعية نفسها، وتدخل في إطار صراعها.
ولكن اقتصادات دول المجلس ستتأثر سلباً، وربما إيجاباً في بعض الأحيان، وإذا كانت أزمة آسيا مثلاً ليست من صنيعة دول المجلس، ولا يد لها في حدوثها، إذ إن أطرافاً من دول صناعية، أعدت لها لضرب محاولات دول جنوب غرب آسيا في التحرر الاقتصادي، ورفض الهيمنة الأجنبية، فإن لتلك الأزمة (المفتعلة) آثاراً مباشرة في الأوضاع الاقتصادية في دول المجلس، إذ انخفض الطلب بشكل حاد على النفط الخليجي، ما ترتب عليه انخفاض حاد في الإيرادات العامة، وبالتالي في الانفاق الحكومي على مشروعات التنمية في دول المجلس.وسواء كانت آثار وانعكاسات الأزمات العالمية إيجابية او سلبية على اقتصادات دول المجلس، فإن من الجدير الإشارة إليه، هو عدم قدرة دول المجلس على قياس تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية في اقتصاداتها، ما يجعل لتلك الأزمات آثاراً سلبية وخيمة وصعبة، ربما تكون خطرة على الأوضاع الاقتصادية في دول المجلس.
وذلك في إشارة إلى أزمة النفط، التي حدثت في منتصف عام ،1986 عندما أصبحت اقتصادات دول المجلس عاجزة عن الإيفاء بمتطلبات مشروعات التنمية فيها، بل توقفت بعد أن تقلص الإنفاق الحكومي في دول المجلس، وعجزت بعض هذه الدول عن دفع رواتب موظفيها، فيما دفعت تلك الأزمة البعض الآخر إلى الاقتراض الداخلي من القطاع المصرفي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كلفة رأس المال على القطاع الخاص، الذي تأثر هو الآخر بسبب تلك الأزمة، كما اضطرت دول إلى الاقتراض الخارجي، ما وضعها أمام تحدٍ جديد هو تبعيات المديونية الخارجية. ولجأت دول أخرى إلى اقتطاع جزء من احتياطاتها الخارجية، ما قد يعرض موجوداتها وأصولها الأجنبية، التي تشكل الغطاء القانوني لعملتها، إلى التآكل.
وهنا نتساءل حول إمكانية دول المجلس في إدراك موقفها، وتدارس أوضاعها حيال هذه الأزمات، والأزمات الاقتصادية والمالية العالمية المستقبلية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .