«برزة المسؤول»

كون ربعك يذكرون بأنك كنت تحصل على «عشرة» في حصة التعبير ولك صورة يطالعونها في الجريدة أثناء تناولهم الغداء عليها يكفي لدى الكثيرين لتكون الضحية الأفضل لكتابة المكاتيب الخاصة بالجيران وأهالي الفريج كلما تواترت أخبار عن برزة المسؤول!

هناك منافسة غير معلنة بالطبع على هذا الأمر بيني وبين إمام الفريج كونه ضليعاً بالعبارات الدينية والأدعية ذات صبغة الثناء وطولة العمر، وفي أحيان قليلة ينافسني جارنا الآخر (حسن يعقوب) صاحب برنامج البث المباشر لاعتقاد أعداد من المواطنين أنه إذا لم يوفقوا في مقابلة المسؤول فإن حسن يعقوب سيقوم بدوره بطرح قضاياهم في برنامجه، وهم بالطبع لا يعلمون بأنه بدوره يمر علي لكي أكتب له (مكاتيبه) ليعرضها على المسؤولين وهذا ما وعدته بأن أبقيه سراً بيننا.

أن تقوم بكتابة العرائض والمكاتيب يمنحك ميزات عدة، فمن جهة أصبحت تعرف أسرار الفريج بأكمله فتكتشف أن هذا الخقاق «مديون» بأكثر من مليوني درهم، وأن ذاك «اللي شايف عمره» ساكن في بيت زوجته، وأن تلك الحسناء مطلقة وترغب في زوج يستر عليها، وأن هامور الفريج صاحب الثلاثة أبراج «خراط» وعينه فاضية، وأن ذلك الشاب المهذب البسيط «خريج هارفارد في العلوم الهندسية»، ومدير الدائرة الفلانية مصاب بسرطان البروستاتا، والكثير من الأسرار والمعلومات التي ستستفيد منها حتماً يوماً ما.

وللخلق في رسائلهم شؤون، فهناك من يصر على أن يبدأ بعدد من أبيات الشعر الخاصة بالحرب والمعاني على الرغم من أنه يرغب في طلب عزبة، وآخر يصر على استخدام نوع ورق فسفوري مؤذٍ للعيون في رسائله وكأنه سيدخل في سحب، ومنهم من يكتب رسائل طويلة جداً ومملة ومنهم من يبالغ في الثناء حتى لينسى القارئ فحوى الرسالة، ومنهم من يصر على تعطير الرسالة حتى أن أحدهم قال لي في جلسة نميمة عن الآخر إنه قال للمسؤول بعد أن أعطاه الرسالة: شمها طال عمرك!

*أ*أ*

تخصيص المسؤولين جزءاً من أوقاتهم المكتظة للاستماع إلى مطالب الناس هو مظهر فريد من مظاهر التلاحم بين القيادة والشعب، وهو موروث اجتماعي لطيف علينا أن نتعامل معه بدورنا بحضارية بالاهتمام بنقطتين، الأولى هي أن لكل مقام مقالاً فلا نذهب بمكاتيبنا إلا في البرزات المخصصة لذلك، أما أن نزعج المسؤولين في أوقات غيرها ففي ذلك حرج لنا ولهم وللمضيف، والثانية أن تقتصر الطلبات على احتياجاتنا الحقيقية التي يريدون أن يلتمسوها، لا أن نرى صاحب المال والأراضي والثروات يأخذ من وقت وحق غيره ليطلب شيئاً لا يستحقه.

shwaikh@eim.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

الأكثر مشاركة