من المجالس

عادل محمد الراشد

هل ستكون الديمقراطية ونظامها التمثيلي (البرلمانات)، هي الأنسب في المستقبل لتوصيل أصوات الشعوب إلى حكوماتها، وإيجاد قنوات تواصل بين طبقات الهرم الاجتماعي والسياسي داخل التجمعات البشرية؟

لقد حافظت الديمقراطية بنمطها الغربي حتى الآن على ألقها في كسب اختيار معظم شعوب الأرض، لتكون وسيلتها للمشاركة في صنع سياسات بلدانها، وظلت حلماً للكثير من الشعوب المسلوبة الإرادة والقرار. واستطاعت الديمقراطية أن تجري بعض التعديلات على وجهها تكيفاً مع تبدلات الزمن واختلافات التجارب البشرية، ولكنها أبقت على جوهرها التمثيلي عبر (البرلمانات) من دون تغيير جوهري. ومع أن هذه الديمقراطية لا تزال هي الاختيار الذي يطالب به معظم شعوب الأرض على اختلاف تياراتها وانتماءاتها، طلباً للمشاركة، وحرصاً على المساءلة، وحفظاً للحقوق، إلا أن التطورات التقنية الهائلة التي يشهدها العالم في التواصل والثورات المتلاحقة في عالم الاتصال جعل الديمقراطية بمفهومها التقليدي، خصوصاً شقها التمثيلي أمام تحدٍ كبير يثير معه الكثير من التساؤلات حول إمكانية حفاظ (البرلمانات) على مقعدها المهم والحيوي في لعب دور الممثل الأهم والأقوى للشعوب، والقناة الأقدر على نقل أنفاس الشارع إلى أصحاب القرار.

مع مواقع التواصل الاجتماعي، وغرف الدردشة الإلكترونية، والهواتف الذكية، تبدو آفاق التواصل مفتوحة إلى درجة ذابت فيها كل الحدود بين الدول والأمم، ناهيك عن الجماعات داخل الحدود الهلامية للدول. ولم تكن الثورات التي تموج بها الأرض العربية الآن هي مفتاح هذا التساؤل الكبير، ولكن دخول الكثير من التجارب البرلمانية في دول العالم، بما فيها الضاربة قدماً في الديمقراطية، في شكوك حول صدقية التمثيل والمتأثر بدور المال والخلفيات الاجتماعية، وعقد الصفقات، ونقض العهود التي تطلقها البرامج الانتخابية، جعلت التواصل الإلكتروني المباشر بين الأفراد أقوى تأثيراً من الوسائل التقليدية للتمثيل في توصيل الصوت، وتحقيق نوع من المشاركة وإجبار السياسيين على الاستماع لرأي الشارع، ولو اضطرهم ذلك إلى ترك مواقعهم التي طالما تشبثوا بها.

هل يعني ذلك أن العالم سيكون أمام اختيارات أخرى تفرضها الثورات العلمية؟

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر