من المجالس
علا صراخ أميركا وحليفاتها الأوروبيات بعد سقوط أول قتيلين في الاحتجاجات التي شهدها دوار اللؤلؤة في منامة البحرين الأسبوع الماضي، وتناوب المسؤولون الغربيون إطلاق التصريحات الاستعلائية، مطالبة حكومة البحرين بالاستجابة الفورية لمطالب المتظاهرين على طريقة «الآن». وعندما انتقل المشهد غرباً إلى ليبيا التي تحولت إلى شلال دماء أزهقت فيه مئات الأرواح منذ اليوم الأول لظهور المحتجين إلى الشوارع، انكفأت الدول الغربية على نفسها وتجنبت الخوض في أحداث بنغازي وما حولها، بل صدرت عن بعضهم تصريحات تسترضي النظام تحت ستار الخوف من ظهور إمارات إسلامية في جنوب البحر المتوسط، وهي الأكذوبة الكبرى التي ظلت الدول الغربية ترددها لتثبيت أركان الفساد في المنطقة العربية التي تضمن لها مصالحها التي تتقاضاها من وراء ظهور الشعوب.
النفاق سياسة ثابتة لدى الدول الغربية، لم تكن المواقف المتقلبة والمترددة تجاه ما يحدث من تطورات في الشارع العربي بداية اكتشافها، ولا الفيتو الأميركي الذي حمى الاستيطان الصهيوني في القدس الأسبوع الماضي بدعوى حماية السلام، فهي قديمة ومتكررة في فلسطين وأماكن أخرى، ولكنها تصل إلى درجة الفجاجة والاستهتار بكل القيم التي تدعيها هذه الدول عندما يقف مسؤول أوروبي في مستوى رئيس وزراء إيطاليا ليقول إنه لم يرد أن يزعج الزعيم الليبي المشغول بمواجهة الاضطرابات في بلاده وهو يرى جثث الضحايا تملأ شوارع المدن الليبية بنيران الطائرات والأسلحة الثقيلة، ثم يظهر الرئيس الأميركي متخلياً عن شعاره الشهير «نعم نستطيع»، ملتزماً الصمت بلسان حال يقول «لا أستطيع».
العلاقات التجارية مقدمة على حقوق الإنسان. هذا المبدأ أرساه رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير، الذي فتح أبواب ليبيا على الغرب رغم العداء الظاهر الذي طالما أظهره كلا الطرفين تجاه بعضهما، والعلاقات التجارية تؤكد أن الحكومات الغربية لا تستطيع أن تتخلى عن أطماعها في المنطقة، على الرغم من كلامها الكثير عن احترامها لخيارات الشعوب في المنطقة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه