رؤية
من يدفع الثمن؟!
أربعة عقود من عمر الإمارات شهدت الكثير من الإنجازات والعديد من الصعوبات أيضاً، عاش المواطن والمقيم عصراً من الرفاهية ورغد العيش، مثلما عاش سنوات يشد فيها الحزام ويقلص الإنفاق عندما مرت الدولة في أزمات اقتصادية عدة، كان أولها في منتصف الثمانينات، عندما وصل سعر برميل النفط آنذاك إلى 10 دولارات، ثم في أواخر التسعينات (1997/1998) حينما كانت النكسة البترولية الثانية إثر أزمة النمور الصفر (دول جنوب شرق آسيا)، يليها الأزمة المالية العالمية (أغسطس 2008).
ومن الواضح أن تلك الأزمات حصدت مدخرات الأفراد وعصفت باستثماراتهم وعرفوا معها الطعم المر للمديونية والقروض الشخصية، ومعها تراجعت مستويات الدخل لديهم وأصبح المدينون يشكلون النسبة العظمى، وأصبحنا نتحدث اليوم عن الفقر والمساعدات الإنسانية، وعن الأسر الفقيرة والمتعففة، وعن البطالة والأرقام القياسية للقروض الشخصية، عون حالة التسوّل وكثرة المترددين على دواوين الحكومات ومكاتب ومنازل الأغنياء، وأصبحنا نشاهد مواطنين ومواطنات يعملون في وظائف متواضعة لم تكن مقبولة من قبل، فراشين، سواقين، مراسلين، حراس مدارس وبنوك وشركات، وفتيات يعملن في محال السوبرماركت وشركات المقاولات، وبرزت شريحة من الشباب يلهثون وراء وظائف مهما كانت مستوياتها أو نوعيتها، وأينما كانت بعيدة أو قريبة، وفي الخلاصة.. لم تعد الحياة سهلة، ولقمة العيش أضحت مغموسة في الكثير من التعب والعرق.
من جانب آخر، أصبحت تكاليف الحياة صعبة، الأسعار ترتفع من دون قيود ودون كبح لها من قبل الأجهزة المعنية، الرواتب والأجور تتآكل بحكم التضخم، صورة الاحتكارات واضحة بشكل كبير، ووصلت إلى الغذاء والدواء، ومختلف أشكال الخدمات! أصبح المواطن يقدم تنازلات صعبة من أجل وظيفة!
أصبحنا نشهد تبايناً حاداً في الدخول ومستويات المعيشة، وتناقضاً خطيراً بين ما يقال وما يسوق إعلامياً عن التنمية، وحالة من الرفاه والدخل الأعلى والأحلام الوردية يقابلها واقع شريحة من المجتمع لا تجد وظيفة ولا مسكناً، فيما تتآكل دخولهم وتحاصرهم الديون.
في ضوء كل هذا يتساءل الجميع، الأغنياء منهم والفقراء، المواطنون منهم والوافدون: ما هو ثمن سياسة الانفتاح؟ هل انتهى عصر الرفاه أو أنه لم يأت بعد؟ إذا كانت هناك شريحة صغيرة استفادت من عصر الرفاهية القصير، فمن سيدفع ثمن المستقبل، هل هو جيل اليوم أم أجيال الغد؟ ماذا يحمل المستقبل بين ثناياه أو طياته؟ إننا نأمل الخير.. ننتظر الحلم الجميل في وطن يعم الخير والتنمية مختلف أطرافه وأرجائه وأطيافه، نتمنى ألا يطول الانتظار!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .