تذويب الفوارق (2)
اتساع الطبقة الوسطى ميزة حرصت الدولة على استمرارها وتقوية دورها في المجتمع الإماراتي، وقد أثمرت هذه السياسة نتائج سريعة ومذهلة في إحداث التطور على جميع المستويات، وأهمها تطوير الموارد البشرية الإماراتية، وفي أغلب المجالات. وفي أعقاب مرحلة التأسيس التي غرست تلك الشجرة التي يتفيأ ظلالها الجميع الآن جاءت مرحلة التمكين، لتنقل الصورة التنموية إلى الأطراف من أجل الوصول إلى مرحلة يكون فيها مجتمع الإمارات صفحة واحدة، تتساوى فيها أسباب الحياة، ويتوزع على رقعتها الرخاء، وتتنافس في ما بينها على تقديم أفضل الخدمات. وبعد هذه الجهود لتذويب الفوارق على الصعيد الخدمي لابد من الالتفات إلى الفوارق التي أحدثتها التغييرات التي طرأت على الرواتب في السنوات الأخيرة، في أماكن ولدى قطاعات معينة، ولم تصل إلى قطاعات وفئات أخرى. فقد صار التفاوت واضحاً بين موظفي الحكومة الاتحادية ونظرائهم في بعض الحكومات المحلية، وكبرت الفجوة في الدخول بين القائمين على رأس وظائفهم وأولئك الذين أحالهم العمر أو التعسف الوظيفي إلى التقاعد، قبل الزيادات التي شهدتها الرواتب، بل أصبحت هناك فجوة واضحة وصارخة بين المتقاعدين الأولين والمتقاعدين بعد زيادة الرواتب وتغيير الهياكل، ويكون التفاوت طبيعياً ومقبولاً إذا راوح في حدود النسب المتقاربة، التي تبررها الدرجات الوظيفية واختلاف طبيعة العمل، ولكن عندما يتجاوز التفاوت الضعف، وربما أكثر، وفي البيئة المعيشية نفسها أو المشابهة لمتطلباتها، فإن ذلك يعني وجود خلل في هيكل الرواتب، يؤدي بطبيعة الحال إلى خلل في مستويات الدخول، وهذا الخلل يقود إلى خلل في ميزان الطبقة الوسطى، ربما يجعلها طبقات تزداد بينها الفوارق.
في ظل المبادرات الكريمة والمحسوسة لتحسين أسباب الحياة وتطوير الخدمات في كل أرجاء الدولة، لابد من الالتفات إلى هياكل الرواتب والمميزات الوظيفية لتكون متقاربة وعادلة، بشكل يحفظ ذلك التوازن المطلوب، ويحقق التمكين المنشود.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .