من المجالس

عادل محمد الراشد

لم تكن الأسرة في الماضي بحاجة إلى مؤسسات تعتني بشؤونها، ووزارات تختص بمراقبة ومتابعة أحوالها، كانت المجتمعات بسيطة، والعلاقات الإنسانية مباشرة، وحاجات الأسرة محدودة وشبه متشابهة، والوظائف داخلها واضحة ومحددة، لذلك كانت الأمور، باستثناء تدبير لقمة العيش، تسير بأقل جهد وبأقل الخسائر.

وعندما تعقدت تركيبة المجتمعات، وتفرعت العلاقات، وتشعبت المصالح، وازدادت المطالب والحاجات، صارت الأسرة همّاً، وأحوالها شأناً عاماً، يحتاج إلى متابعة، وتخصيص مؤسسات تدعم وتراقب، وتشريعات تنظم وتحفظ الحقوق. وفي دولة الإمارات عندنا مؤسسات رسمية وأهلية تعتني بشؤون الأسرة، ولكن لايزال الكثير من الأدوار غائبة أو غير موجودة، خصوصاً ما يتعلق منها بالنساء العاملات، وتأثير خروج المرأة للعمل في واجباتها الأسرية. وأصبح لدينا قوانين وسياسات خاصة بالأسرة، وتنظيم العلاقات داخلها، ولكن لاتزال الحاجة ماسّة لمزيد من التشريعات التي تشكل المزيد من الحماية للترابط الأسري، في ظل التغيرات السريعة التي فرضتها أسباب الحياة الحديثة، خصوصاً ما يتعلق بانضمام المرأة إلى سوق العمل، وانعكاس ذلك على حجم الأسرة الإماراتية، ونمط العلاقات الذي استجد عليها بفعل التغيرات، ولا تقل عن ذلك الحاجة إلى مراجعة دائمة للقوانين والتشريعات القائمة، الخاصة منها بالأسرة بشكل مباشر، أو تلك المعنية بالوظيفة، مثل قانون التقاعد ولوائح الموارد البشرية، وذلك لمسايرة التطورات التي تشهدها الأسرة الإماراتية في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة في رتم الحياة اليومي.

مرة أخرى نقول نحن بحاجة إلى طاقات وجهود النساء، خصوصاً حاملات المؤهلات التعليمية العليا، للمشاركة في دفع عجلة النمو بالدولة، ولكننا بحاجة أكبر إلى أسرة إماراتية مستقرة ومتوازنة، تكون صمام الأمان لمجتمع الإمارات على جميع الصعد، والتأخير في مجاراة التطورات مؤسسياً وقانونياً يفقدنا القدرة على حفظ الأسرة من الاهتزاز والتآكل.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر