أبواب
يوم الأم والشعر والربيع
يوم واحد هو 21 مارس يجمع مناسبات عدة، بين الأم وما تمثله في جوهر الحياة والمحبة والحنان، وبين الشعر الذي يضيء غوامض الروح ويفتح بوابة للخيال والحرية والحب والإنسانية، وبين الانقلاب الربيعي وعيد النيروز الذي يمثل عتبة الأخضر في الطبيعة والقلوب والأغاني.
هو يوم خاص، تجتمع فيه الحياة عبر نشيد الأمهات البالغ الاخضرار، وفيه نتذكر ونرفع تحياتنا إلى أمهاتنا وقلوبنا ترفرف وفي يد كل واحد منا قطرة ضوء نقدمها إليهن، هن أمهاتنا اللواتي لا يعترفن بأننا كبرنا، لنظل في عيونهن التي تفيض حناناً أولئك الأطفال الذين يحتاجون إلى أمان احضانهن ولمساتهن الرؤوفة ودعائهن الذي يزداد اخضراراً كلما رأيننا عائدين إلى البيت سالمين. امهاتنا هن اللواتي يحرسن نومنا من أي كابوس، ومن أي ذعر، ومن أي أذى. امهاتنا اللواتي لا ينمن قبل أن ننام. هن أمهاتنا حارسات أحلامنا الصغيرة، هن راعيات الأمل في براري أرواحنا، وهن نشيدنا العلني في كل الجهات.
امهاتنا سرنا الذي يتلألأ في حلكة الأيام، حين نغيب في الأرض، وحين يتعبنا المسير، وحين نصاب بغمام الحزن، وحين نتعثر فوق صخور الحياة.
أمهاتنا قصيدتنا في كل الأيام، وفي يوم الشعر يضئننا بأجمل الأغنيات التي كن يرددنها، ونحن في أقمطة الطفولة نلهج بأولى الكلمات «ماما».
نكبر، ونعرف أن للشعر سراً يمتد مثل حبل السرة مع الأم والطبيعة، ونتقدم في القراءة والكتابة، لنضاء بسحر القصائد، نكتب عن الأم والحب والحلم والألم والأمل والأبواب والمرايا والصلصال ودم البركان وهواء النشيد، نكتب عن الغياب والحزن والذكريات، وعن غيم يتأرجح فوق الجبال، عن سيرة النهر وهو يفتح الأرض لاخضرار مدهش على مد البصر، وعلى امتداد البصيرة والحدوس. هو الشعر ابن المخيلة وأبوها، وهو القنديل الذي يرتعش قرب نافذة المستحيل.
هو الشعر ريش من زرقة ونداء، وهو سر جوانيّ يشعشع غامضاً وبهياً بالغموض اللذيذ. وكما قالت الشاعرة الاسبانية كلارا خانيس في كلمة اليوم العالمي للشعر إن «مياه الشعر ليست خارجية، ولهذا لا تتعكر بالتعدد، مياه الشعر توجد في الداخل، وانطلاقاً من الداخل، من أناه سيسهم الشعر في بناء الحياة»، مذكرة بمقولة ديستوفسكي «الجمال هو من سينقذ الأرض».
ومع إطلالة الربيع، انقلاب الطبيعة على الموت، ينبثق الأخضر رياناً مثل سطر قصيدة يضيء دهشتنا، مثل برق مفاجئ يتشجر في أرواحنا. هو الربيع قصيدة تتفتح في عيد الأم وفي يوم الشعر وفي عيد النيروز، في يوم مفرد، لكنه بصيغة الجمع.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.