رؤية
حقوق مواطني «التعاون»
من حق المواطن في أي دولة، أو مجموعة، أو منظومة، أن يتساءل عن حقوقه التي أرساها دستور الدولة، أو العقد الاجتماعي الذي بموجبه نشأت أو تأسست المجموعة أو المنظومة، وحينما يمضي نحو ثلاثة عقود على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي، الذي تم الإعلان عنه في 25 مايو ،1981 فإن من الطبيعي أن يتساءل الشارع في دول المجلس عن الحقوق المادية، والمعنوية، والمدنية التي أرساها وأسس لها هذا المجلس بعد تلك العقود، وعلى المجلس أن يرد على هذا التساؤل المشروع، ولكن في الوقت ذاته يجب أن تكون المبادرة من المواطن نفسه الذي عليه أن يسلك مختلف الطرق والوسائل للبحث عن إجابة لسؤاله.
إن النظام الأساسي الذي تأسس بموجبه المجلس، لم يغفل تلك الحقوق، خصوصاً أنه جاء ليحقق حزمة من الأهداف الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والعسكرية، والثقافية، والرياضية، والشبابية، من خلال صيغة تعاونية وتكاملية، أرسى لها نظام المجلس، ودعمتها قرارات استراتيجية اتخذها أصحاب الجلالة والسموّ أعضاء المجلس الأعلى للمجلس، ووضعت السلطات المعنية في الدول الأعضاء، آليات تنفيذية لترجمتها إلى واقع، بموجب قرارات يتخذها أصحاب القرار السياسي والاقتصادي في الدول الأعضاء كل على حدة.
إن تأسيس مجلس التعاون لم يأتِ إلا من خلال تحقيق جملة من الأهداف المصيرية التي تحفظ الأمن، وتؤمن الاستقرار للدول الأعضاء فيه، وتحقق التنمية والازدهار لمواطنيه، ومرت المنطقة بظروف استثنائية صعبة بدءاً من حرب طاحنة بين إيران والعراق، ومروراً بغزو القوات العراقية الكويت، ثم الغزو الأجنبي للعراق، وانتهاءً بالأزمة المالية العالمية الطاحنة التي تركت آثاراً وخيمة في العالم، ولم تكن منطقة «التعاون» بمنأى عن تداعيات تلك الأزمات، إذ كان لتلك الظروف الاستثنائية آثار سلبية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولكن، ونظراً إلى وجود هذا المجلس استطاعت المنطقة الحد من آثارها وانعكاساتها السلبية على المنطقة، ومواطنيها والمقيمين على أرضها.
من ناحية أخرى، فإن وجود تنسيق أمني محكم، إنما يشكل نسيجاً لحماية المنطقة وسكانها، وحق الاستقرار الاجتماعي والاستثماري والاقتصادي من أي اختراقات تعصف بالمكتسبات وتبعثر المنجزات.
أما التعاون العسكري، فإنه يرتبط ارتباطاً مهماً بحقوق المواطنة الخليجية وحقوق الدول المنتمية لهذا المجلس، إذ لا استقرار للدولة ولا تنمية وأمن للمواطن، ما لم يكن هناك سياج عسكري يعزز الاستقرار ويضمن الحقوق، وقد كان لهذا التعاون والتنسيق بعد مهم في تجنيب المنطقة آثار الحروب العسكرية التي شهدتها عبر عقود ثلاثة مضت.
من هنا يجب أن يدرك المواطن في دول «التعاون»، أن المجلس نشأ لضرورات يمليها واقع المتغيرات في المنطقة، ويجنبها صراعات دولية وإقليمية، وكان لوجوده الأثر المباشر.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .