الجزائر والمغرب.. لا للأحقاد
تابعنا الـ90 دقيقة من اللقاء العاصف الذي جمع المغرب مع الجزائر، في تصفيات كأس أمم افريقيا، دون أن نلحظ آثارا «فينة» للغمامة السوداء التي تلبدت في سماء البلدين قبل المباراة، ثم مرت بسلام على عنابة المدينة الساحلية التي استضافت اللقاء وتقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، فلم نرَ زخات مطر، أو قطرات، أو حتى رذاذا للماء يشعرنا بالقيمة الفنية لهذه المواجهة، التي سبقتها هالة إعلامية ضخمة، خصوصا من جانب الجزائر عندما هيأتنا لأشبه بنهائي كأس العالم.
الأداء كان عاديا، عنيفا معتمدا على القوة البدنية مع غياب «الفكر الكروي» من كلا الجانبين حالها حال أية مباراة افريقية، خصوصا مع وجود حكم موريشيوس، سيشورن الذي جامل اصحاب الارض واحتسب ركلة جزاء مشكوكاً فيها في الدقائق الاولى، أدت الى حسم النتيجة بهدف الجزائري حسن يبدا، ثم اكمل المباراة بفوضى من القرارات التي اقترنت بأداء فني متحفظ من الطرفين هدم اللذة والمتعة التي انتظرها الملايين.
الجمهور الجزائري الذي احتشد في الملعب وفاق الـ50 ألف متفرج، فضلا عن متابعي المباراة منهم عبر المحطات الفضائية، كان مقتنعا بأن النقاط الثلاث وضعت فريقه بالتساوي مع بقية منتخبات المجموعة الرابعة، وهي المغرب وإفريقيا الوسطى وتنزانيا، لكنه بالتأكيد لم يفرح للمستوى الفني والعقم الهجومي الذي يلازم الأخضر منذ مشاركته في نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا.
الكل خرج غاضبا من المباراة، لاعبو المغرب اعتبروا ان التحكيم كان سيئا، خصوصا النجمين المخضرمين حسين خرجا لاعب إنتر ميلان، ومروان الشماخ لاعب ارسنال اللذين انتقدا التحكيم بشدة وحملاه المسؤولية الكاملة عن خسارة منتخبهما النقاط الثلاث، ثم اعترفت صحف الجزائر بسلبيات الاداء، وأرجأت الامر الى غياب الثلاثي كريم زياني ومجيد بوقرة وكريم مطمور، لكنها في النهاية تحدثت عن منطق الفوز وأهمية زيادة غلة النقاط من أجل التأهل.
وباختصار المباراة لم تأتِ بالحجم الذي عكسته الصحافة والجمهور الجزائري الذي زحف بأعداد هائلة، إذ ذكرت تقارير ان نصف مليون متفرج تنافسوا على 45 الف تذكرة، وأن المشجعين حضروا الى الملعب قبل اسابيع من الموعد، وباتوا في الساحات الخارجية لاستاد 19 ماي ،1956 وان مشادات ونزاعات بالجملة وقعت بين الجمهور واستخدم فيها السلاح الابيض وخلفت اصابات عدة بسبب التناحر على تذاكر الدخول التي ارتفعت في السوق السوداء الى اضعاف.
ليس ذلك فحسب، بل وقع المغاربة في فخ مستضيفهم «محاربو الصحراء»، كما حدث من قبل للمصريين، إذ وردت تقارير ان المغرب قد تتعرض لعقوبات قاسية من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بسبب اعتراضها على التحكيم من قبل رئيس وفد اسود الاطلسي الذي أراد شرح موقفه لطاقم التحكيم عقب المباراة، الا ان مراقب المباراة اعتبر ذلك اتهاما للحكام بتسهيل مهمة الجزائر للوصول الى نهائي امم افريقيا.. وهذا على غرار ما حدث للمصريين في السودان في تصفيات كأس العالم في المباراة الشهيرة التي جرت في أم درمان وانتهت بفوز وتأهل الجزائر وخسارة الفراعنة ثم تعرضهم لعقوبات من الـ«فيفا».
وهنا توجد أكثر من علامة استفهام حول الاتحاد الجزائري لكرة القدم، ومحاولته التأثير نفسيا في المنتخبات العربية التي يلعب معها للتفوق عليها اداريا، بدلا من حسم المباراة معها على أرض اللعب.. وأخيرا نقول لا نريد ديربيات عربية للمشكلات والاحقاد بل ديربيات للاداء الراقي والجميل والروح الرياضية.
sheybbb@yahoo.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .