كل يوم
«أنا في الإسكندرية»!
سمعت تحذيرات المذيع العزيز راشد الخرجي ذات مرة للمستمعين من الاتجاه إلى شارع الرباط، وذلك لوجود حادث سير معرقل لحركة الطريق، حاولت الالتزام بذلك، وسعيت بحرص ألا أسلك الطريق المؤدي إلى شارع الرباط، لكن المشكلة التي منعتني من ذلك، أنني لا أعرف بالأساس أين يقع شارع الرباط، اتصلت بعدد من الأصدقاء وجميعهم من مواطني دبي بالتأكيد، لكنّ أياً منهم لم يعرف أين يوجد شارع الرباط، فكرت في الاتصال براشد الخرجي نفسه، إلا أنه كان يتحدث على الهواء، وأغلب الظن أنه هو نفسه لا يعرف أين يقع شارع الرباط!
هذا الموقف، ذكرني بموقف آخر لصديق عزيز اتصل به مسؤول وطلب منه الحضور إلى اجتماع فوري، فسأله عن موقعه الحالي، فأجاب بعد أن قرأ اللوحة على الشارع: «أنا على شارع الإسكندرية»، فتعالت ضحكات المسؤول، وقال له: «وأين شارع الإسكندرية هذا»؟!
وبكل تأكيد ليس ذنبي أو خطأي أنني لم أستطع معرفة موقع شارع الرباط، وهو ليس ذنب أصدقائي ولا حتى «بو عمر»، كما أن المسؤول أيضاً ليس مخطئاً، لأنه سأل عن شارع الإسكندرية، فمسألة تسمية الشوارع بأسماء العواصم العربية برمتها غريبة وعجيبة، وهي تجربة في اعتقادي خاطئة، ولم تنجح، بدليل أنه ولسنوات طويلة منذ بدء تعميم هذه الأسماء، فان غالبية السكان العظمى مازالت تجهل هذه التسميات، ولا يوجد من يعرف مكان شارع بيروت من شارع الجزائر وشارع الرياض من شارع الدوحة!
نظام العنونة يجب أن يعتمد على مبدأ التسهيل، ومن أسهل المبادئ اعتماد الأسماء القديمة الدارجة، فلم الالتفاف على ذلك وتغيير أسماء شوارع رئيسة ومعروفة منذ عشرات السنين بين الناس بأسماء جديدة غير واضحة، نتيجة ذلك أننا مازلنا نعتمد على أشياء رئيسة ومبانٍ شاخصة، علامات للدلالة على المكان، وإلى اليوم لا نسمع من شخص عادي يصف موقعاً وخرجت من لسانه كلمة شارع طرابلس إلى شارع الجزائر، بل مازلنا نسمع عن الشارع المؤدي إلى الراشدية أو ند الحمر، أو تقاطع شارع مردف مع الورقاء، عند المسجد الفلاني، وبعد بقالة فلان، هذا كل ما في الأمر!
جميعنا يحترم العواصم العربية دون شك، ونكن كل تقدير واحترام لكل مدينة عربية، لكن مسألة العنونة وأسماء الشوارع الرئيسة لا علاقة لها أبداً بحبنا وتقديرنا العواصم العربية، بقدر ما هي مسألة داخلية هدفها الرئيس التسهيل على المواطنين والمقيمين للوصول إلى وجهتهم من دون عناء، وتسهيل وصول الخدمات العادية والطارئة إلى الموقع المطلوب في الوقت المطلوب، مسألة سهلة وبسيطة لا تستدعي التعقيد، كما لا تستدعي أبداً الخروج من إطارها المعروف عالمياً في كل المدن، وتدخل في أمور أخرى لا علاقة للمستخدم بها إطلاقاً!
غريب جداً ألا يكون لدينا، إلى اليوم، مبدأ واضح في تسمية الشوارع والطرق الرئيسة، وفي كل منطقة من مناطق دبي هناك أسلوب وطريقة مختلفان للتسمية، كما لا يوجد ثبات على الإطلاق، فشارع اليوم تسميته تختلف عن الشارع نفسه قبل خمس أو عشر سنوات، وبالتأكيد لن يحمل الاسم ذاته بعد خمس سنوات أخرى، فمتى ستحمل شوارعنا أسماء قريبة منا، نعرفها ونحفظها من عشرات السنين؟!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .