من المجالس
عندنا مُلاك ونريد مزارعين
من أصعب المهام التي تسعى الدولة إلى إنجازها هي بناء النفس العاملة، وحتى تكون النفس عاملة ومنتجة، لابد أن تكون قناعاتها منسجمة مع قيمة العمل ومتسلحة بثقافة «العمل عبادة»، وربما تكون سياسة توزيع المزارع على المواطنين التي أطلقها الشيخ زايد، رحمه الله، منذ بداية حكمه الزاهر، إحدى تلك الوسائل الجبارة التي جعلت من أهل الصحراء مزارعين أصحاب خبرة ودراية، بعد أن أزال الكثير من الأفكار النمطية التي كانت سائدة لديهم. واليوم أصبحت التجربة بحاجة إلى التقويم ثم التطوير وإعادة تحرير الأفكار، ليتحول المواطن من مجرد مالك ومشرف إلى عامل داخل مزرعته، بعد أن يرى من المحفزات والأسباب ما يدعوه إلى تحقيق النقلة النوعية في فكره وأسلوب حياته، خصوصاً أن الكثير من مُلاك المزارع يعيشون قريباً من مزارعهم. في الفترة الأخيرة أعلنت الدولة خططاً جديدة لتطوير القطاع الزراعي، والانتقال من مرحلة التشجيع إلى مرحلة التوجيه والتحول إلى الزراعة العضوية، وقد تم البدء بعدد من المزارع النموذجية، وخطت هيئة البيئة في أبوظبي خطوات جديدة باستلام مزارع من أصحابها مقابل مبلغ مالي شهري، وذلك لتحقيق زراعة مثالية تلبي الطلب الداخلي وتحقق في الوقت نفسه سياسة توفير المياه الجوفية، ومع هذا التحول في الاهتمام بتوسيع وتنويع القطاع الزراعي، نتمنى أن توازيه سياسة إشراك أصحاب المزارع في تنفيذ وإنجاز هذه الخطط، بالحضور المباشر والمشاركة الفعلية، كما يحدث في أغلب الدول المتقدمة زراعياً. اهتمت الدولة بالقطاع الزراعي منذ بداية نشأتها، وصار عندنا ملاك مزارع يعرفون الكثير عن هذه المهنة، لكننا اليوم بحاجة إلى ملاك يمتهنون الزراعة ويربون عيالهم على تعلم فنونها، ويستخدمون أحدث المعدات والآلات في إنتاج محاصيلهم، ويقدمون لأسواقنا المحلية الكثير من اكتفائها الذاتي.
adel.m.alrashed@gmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.