مسؤولية دواوين الحكام..
بغض النظر عمن يؤيد الديمقراطية، ومن يرفضها، ومن يعتقد أنها أفضل ممارسة سياسية في العالم، ومن يرى أنها نظام لا يصلح للتطبيق، بغض النظر عن توجهات مؤيدي الديمقراطية، وقناعات رافضيها، فالطرفان يملكان من الأدلة والإثباتات ما يجعلهما مقتنعين بما يؤمنان به.
أقول: بغض النظر عن ذلك، لابد من الاعتراف بأن تجربة انتخابات نصف أعضاء المجلس الوطني التي شهدتها الدولة للمرة الأولى عام ،2007 كانت مفيدة، وضرورية، وتحقق فيها كثير من الأهداف، إذ عاش المجتمع فترة من الزمن في بيئة مميزة، وجو عام جديد لم يكن مألوفاً، وكانت التجربة فرصة جيدة لتعلم ممارسات جديدة، وتطبيقات جديدة، وثقافة ديمقراطية، كانت لها تعبيراتها، وصداها في المزاج الشعبي الذي تحمّس للتجربة وتفاعل معها.
رأينا حملات انتخابية، منها ما هو جيد، ومنها ما هو متواضع، وبالطبع كان ذلك شيئاً متوقعاً، لكنه اليوم قابل للتطور إلى الأفضل بشكل كبير، عشنا فترة من التواصل الاجتماعي بين المرشحين والقواعد الانتخابية، وشاهدنا أساليب تسويق، وتفاهمات، وزيارات متبادلة، وصوراً وشعارات ولوحات إعلانية، كلها كانت للمرة الأولى وكان من الواضح جداً أن هناك استمتاعاً من المرشحين بدخول غمار التجربة، من أجل الخبرة والمعرفة، من دون التركيز على النتيجة.
كانت تجربة ناجحة دون شك، وهذا ما هدفت إليه الحكومة من خلال تنظيم أول انتخابات لأعضاء في المجلس الوطني الاتحادي، واليوم التجربة تدخل مرحلة أخرى متقدمة نوعاً ما عن سابقتها، وأيضاً بغض النظر عمن يريدها انتخابات كاملة أو جزئية، فهي دون شك قابلة للنجاح إن تم استغلالها وتوسيعها، وفقاً لقرار صاحب السمو رئيس الدولة، الذي لم يحدد سقفاً أعلى للقواعد الانتخابية لكل إمارة.
هناك حد أدنى هو 300 مضاعف لكل مقعد انتخابي لكل إمارة، ما يعني 12 ألف شخص، لكن لا يوجد سقف أعلى، ويمكن أن يتضاعف هذا الرقم، والمسألة الآن تقف عند دواوين حكام الإمارات، وعليها تقع مسؤولية فتح المجال لأكبر عدد ممكن من المواطنين، للمشاركة، ناخبين أو مرشحين، والتجربة تستحق إشراك أكبر عدد ممكن.
لا مانع أن تضم القوائم عشرات أو مئات الآلاف من المواطنين، فالتجربة السابقة أثبتت أن الإمكانات التقنية والفنية لتنظيم العملية، وفرز الأصوات وإظهار النتائج، جعلت الأمور كلها سلسة وسهلة للغاية، وحققت نجاحاً إجرائياً، تفوّق على كثير من الدول التي سبقتنا في التجربة.
الدعمان التقني والفني كانا لافتين، ومتميزين، وكذلك سارت العملية برمتها، ما يجعلنا متأكدين من نجاح التجربة مرة أخرى مهما كانت أعداد الناخبين، لذا على الإمارات الآن أن تهتم قدر الإمكان بزيادة أعداد قوائمها الانتخابية، وإشراك مختلف شرائح المجتمع، والحرص على توسيع التجربة، لتحقيق الهدف الأسمى من قرار صاحب السمو رئيس الدولة، وغايته من جعل السقف مفتوحاً لأعداد المواطنين، من أجل تحقيق تجربة أخرى أكثر نجاحاً في مسيرة تطوير وتحديث نظم الدولة وتعزيز المشاركة السياسية لمواطنيها.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .