كل الاحترام لبرشلونة
أسدل الستار، أمس، على آخر فصول المتعة الكروية التي شغلت العالم، بعدما خاض برشلونة وريال مدريد الكلاسيكو الرابع بينهما في غضون شهر، والخامس لهما هذا الموسم، إن كان في الدوري الإسباني أو في دوري أبطال أوروبا أو كأس ملك إسبانيا، في سابقة لم تحدث في تاريخ الناديين، وربما لن تتكرر مستقبلاً.
وبالفعل عاشت الجماهير في الإمارات والدول العربية والعالم أجمع، أحلى الأيام في الشهر الماضي بمتابعة هذا الكلاسيكو الأشهر والأغلى من حيث قيمة اللاعبين والناديين، والكل خرج رابحاً بقضاء أجمل الأوقات، مع عزائنا لمن خسر فريقه داخل المستطيل الأخضر، ومن فشل في رهانه على أحد حصاني السباق، ثم نبارك للذين ضحكوا أخيراً وكثيراً، بل وقهقهوا من شدة الفرح، بعد وصولهم إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.
وأسترجع هنا الحديث عن أولاد المدرب غوارديولا، وطفلهم الصغير «آخر العنقود» ميسي، الذين يقدمون موسماً استثنائياً أبهروا به جميع المتابعين منذ بداية الموسم الجاري، عندما رشحهم الجمهور الإسباني للقب المحلي بنسبة 83٪ وفق استطلاع أجرته صحيفة «ماركا» الرياضية الواسعة الانتشار، ثم قهروا فرق القارة في دوري أبطال أوروبا بأداء لا مثيل له، حتى عجز مناصرو غريمهم التقليدي ريال مدريد عن إيجاد ثغرة ينتقدونه بها، فهاجموا مدربهم غوارديولا، وأنه لا يستطع إلا تدريب برشلونة، ولو خرج إلى فريق آخر لتلقى الهزيمة تلو الأخرى، ثم قالوا إنه فريق ميسي، فلو استثنينا هذا الفتى العبقري، لتاه البرشا بين أقدام منافسيه، وبعدها رفع سقف الانتقاد إلى بويول والحارس فالديز وانييستا، وكل هذه الانتقادات لم تضحكني بقدر تلك التي كانت تتحدث عن نسبة الاستحواذ على الكرة، التي أصبحت عيباً في قاموس المدريديين.
علينا أن نعترف بأن برشلونة هذا الموسم فريق للأحلام، يذكرني بنجوم الاستعراض في دوري المحترفين الأميركي بكرة السلة، بإمكانه تسجيل نسبة غير معقولة من الاستحواذ على الكرة، و«ترقيص» منافسه وتعذيبه بالركض وراء الكرة، حتى لو كان ريال مدريد، الذي لا يجمع أكثر من هذه النسبة، خاسراً كان أم فائزاً.
برشلونة الذي خاض حتى الآن، من دون مباراة الليلة الماضية، 54 مباراة رسمية منذ بداية الموسم الجاري، خسر ثلاثاً منها فقط، أثبت أن إخفاقه استثناء وليس قاعدة يقاس عليها، لكن هنالك من توهم - وأنا منهم - أن انتصار ريال مدريد في نهائي كأس ملك إسبانيا سيضع حداً لغوارديولا، لنكتشف في الكلاسيكو الذي تلاه أن مورينيو مجرد فرقعة إعلامية، لا يملك إلا اللعب على التغطية الدفاعية، وانتظار خطأ ينقض فيه على فريسته، وإن فشل يستخدم جميع الأسلحة لإقناع مشجعي الفريق الملكي بأسباب خسارته، حتى لا يوجهوا إليه أصابع الاتهام، وهو استاذ في شرح وجهة نظره والتعامل أمام وسائل الإعلام، فكل مرة يخسر بها مدريد يهاجم مورينيو التحكيم، ويسرد لنا تاريخ برشلونة مع الحكام، وقصة مباراة تشلسي الموسم قبل الماضي، التي أصبحت أسطوانة مشروخة تعبنا من سماعها.
المهم.. إن كان برشلونة خاسراً، فائزاً، متأهلاً، في مباراته الليلة الماضية أمام ريال مدريد، فأنا معجب بأداء الفريق هذا الموسم، ويستحق كل الاحترام من جميع العالم، ومعهم مشجعو ريال مدريد.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .