(جيفارا!)
تجده قد أصبح وشماً على كل ساعد في جسد أحد «المعضلين»، وعلى قميص أي شاب يطالب بالحرية، وعلى زجاج مركبات فئة كثيرة من الشباب، إنه تشي جيفارا، الثائر الغريب الأطوار الذي ألهم أجيالاً من الذين يعترضون لمجرد الاعتراض، معظمهم لا يعرف عنه شيئاً، ولا عن عقيدته، لكنهم يحبون فيه ذلك «الكراكتر»، كما يسميه أهل المسرح. الشخصية الكاريزمية التي جعلت مارادونا لاعب كرة القدم المشاغب، يعتبره قدوته العليا، وكذلك مئات الآلاف من الشباب حول العالم، هو سحر الكاريزما ليس أكثر، لأن الرجل قال ذات يوم لقوى الاستكبار العالمية: لا!
رغبة «تشي» في التغيير بدأت في موطنه الأرجنتين، لكن لأن عقيدته الثورية كانت «تشي وتشي»، فأسس مجموعة من الحركات الثورية في العالم الأميركي الجنوبي، شملت غواتيمالا وبيرو والمكسيك وكوبا وبوليفيا وغيرها، وربما لم يمهله القدر ليشكل مجموعته الخاصة في شبه جزيره العرب وغيرها، كانت معظم نظريات الثورات تستند إلى عقلية «الثور الأسود»، الذي يجب ألا يؤكل فيأكل الجميع، لذا فلم تكن هناك حدود للعنف وتخوين الجميع وإعدام الجواسيس بالطبع، بالإضافة إلى العقيدة الماركسية الفاسدة وعدد من النظريات الميكيافيلية، فالغاية تبرر الوسيلة دائماً، والسيجار الكوبي والسمراوات اللاتينيات ضرورة لإكمال سحر الصورة، إلا أن الحقيقة التي لم تستطع حتى الآلة الإعلامية الأميركية الجبارة محوها في ذلك الحين، هي أن لجيفارا سحراً فتن به الكثيرون، ولايزالون!
نهاية جيفارا الأسطورية، كانت لغزاً في هجمة منسقة وسريعة لإحدى الدوريات «الإمبريالية»، بعد أن غضب العالم كله من هجومه على «الكونغو» البعيدة، التي لا يعلم أحد لمَ فكر فيها وابتعد عن أهدافه القريبة، المفاجأة هي أن الفرقة المكلفة الاغتيال اكتشفت وجوده في «بوليفيا»، التي كانت حكومتها في ذلك الحين ذات علاقات وتحالفات قوية مع الغرب، ولم يفصح عن مكان دفنه حتى اليوم لأسباب مجهولة! فتحول الثائر إلى أسطورة بغباء قاتليه.
***
لا شك في أنك لو سألت أياً من الذين يضعون الأقراط في آذانهم، ويلبسون ذلك البنطلون «المتزحلق» إلى أسفل الخصر، عن سبب وضعهم صورة الثائر الكوبي في كل شيء في حياتهم تقريباً، فلن يجيبوك إلا بأنهم يعتقدون أنه: «كوول». وكذلك جميع الشباب المعجب بكاريزما أي شيء، المهم في القصة أنه أعدم، فجنى التضحية صديقه الآخر كاسترو، وأصبح رئيساً لدولة كادت تتسبب ذات يوم في حرب كونية ثالثة في ما عرف بأزمة الصواريخ، والله يستر!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.