من المجالس
بعد الإعلان المفاجئ عن قبول انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي ثارت الأسئلة: لماذا هذا التمدد الجغرافي غير المترابط؟ كيف سيكون حال المنظومة الخليجية بعد التوسع الثماني للمجلس؟ هل سيعني ذلك فتح باب العضوية بالمجلس لكل من يرغب فيه من الدول العربية؟ ثم ماذا عن مستقبل جامعة الدول العربية؟
ولا شك في أن معظم هذه الأسئلة سيظل مفتوحا من دون إجابات واضحة وشافية، ولكن الواضح أن أثر التطورات التي شهدتها الساحة العربية في ما يسمى «ربيع الثورات العربية»، ربما كان حاسما في اتجاه دول المجلس إلى توسيع مجلسها عربيا وبشكل انتقائي. فمصر، التي تحتل الثقل الاستراتيجي الأكبر في حماية الأمن القومي العربي، منهمكة في ترتيب داخلها بعد الثورة والتصدي لعناصر الثورة المضادة التي لاتزال تحتفظ بالكثير من مخالبها. وجامعة الدول العربية دخلت في حالة فراغ إداري وسياسي جعلتها تتأخر أميالاً أخرى زيادة على حالة التراجع التي تعانيها في الأصل، والحريق اليمني الذي يزداد سعيرا في الخاصرة الجنوبية لجزيرة العرب لا تبدو له نهاية قريبة، هذه الحالة أثارت أطماع الجيران ففرضت على دول الخليج التمسك بعمقها الاستراتيجي العربي، وإن كان بشكل أثار معه تساؤلات لم تجد لها بعد إجابات.
ولكن على الرغم من تلك الصورة القاتمة لانعكاسات الأوضاع العربية، خصوصا الاضطرابات التي شهدتها البحرين، على الوضع في الخليج العربي، فإن الإيجابيات لم تغب عن المشهد والتي كان أهمها بروز اللحمة الخليجية اللافتة، التي كان لها القول الفصل في حسم الوضع بالبحرين لمصلحة الشرعية، وتصاعد الدعوات لجعل الوحدة الخليجية واقعا معيشا على جميع الصعد وليس العسكري والأمني فقط. والحقيقة أنه رغم أهمية العمق العربي للمجلس فإن الواقعية السياسية تؤكد أهمية ترسيخ أركان المجلس من داخله، وتحقيق كل أهدافه التي رسمها منذ إنشائه، ثم التفكير بعد ذلك في التمدد عربيا، إن كانت الأيدي قد غسلت بالفعل من الجامعة العربية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .