طاجن وسدر منسف
لا حديث في السياسة ولا سياسة في الحديث هنا، وهذا من باب «أدب الكلام»، لذا فلن ننظر إلى عاصفة التعليقات التي تلت إعلان دول الخليج دراسة انضمام الأردن والمغرب، وستكون زاوية النظر إلى هذا الموضوع هي الزاوية الاجتماعية فقط لا غير.
بمجرد انتهاء موجز أخبار مساء يوم الثلاثاء الماضي، كان أول ما لاحظته هو حالة ابتهاج كبيرة جداً في أوساط أرباب الأسر في الإمارات، أمسك كل منهم مباشرة بهاتفه المحمول وهو يكتب رسالة شماتة إلى «ربة الأسرة»، وكأن هناك ثأراً قديماً بين الطرفين، كم الشماتة الذي لمسته لدى «الذكور» كان عالياً فعلاً، ويحتاج إلى تحليل! هل هي شماتة لمجرد الشماتة أم أن الأخريات بمهورهن الفلكية وحجوزات القاعات و«البورشات» وكل ما يكسر الظهر تسببن في أن يحلم كل خليجي ويتطلع إلى موسم الهجرة إلى الشمال أو إلى الهجرة غرباً؟
هناك بالطبع من اختزل الموضوع في أن الطاولة الخليجية العامرة ستتزين ببعض صحون الطاجن و«سدر» منسف! حتى إن أحدهم ظل أياماً عدة يتساءل عن أفضل طريقة من الممكن أن يطلب بها الأشخاص المهمون إضافة «جميد كركي» على صحنه في المناسبات الرسمية!
تسعة أعشار من أعرفهم قاموا بتغيير «البروفايل» الخاص بهم على مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف، بل وعلى مكاتبهم، تحولت جميع رنات الهواتف إلى أغاني منى أمارشا «استغفر الله» والمرحومة رجاء بالمليح وعدد من أغاني الغدارة والدوارة وما لف لفها، ازداد استخدام عبارات: «راحت عليكم يام الركب السود»، و«آخر أيام أم ركبة سودة»، و«انتحار أم ركبة سودة» بشكل ملحوظ.
بالطبع كانت هناك حملة مضادة من الطرف الآخر، تطالب بالسماح بضم تركيا إلى المجلس، نكاية في كل من يكره «مهند»، مطالبات غريبة بعمل مهرجان لـ«مزاينة الدبكة»، شخص يقوم بعمل دراسة علمية لكيفية دمج الأردن من دون استيراد «التكشيرة» الأردنية الشهيرة، تساؤلات عن معنى مصطلح «البلجيكية» الذي تناقلته المواقع الأردنية بكثرة بعد الإعلان، وعن دور بلجيكا في الصفقة! ارتياح لمعرفة جواب السؤال الأزلي: ما الذي جمع الشامي على المغربي؟ حراك جميل على أنغام الربابة البدوية والموشحات الأندلسية! أحلام تشي بالكثير والكثير من الوعود لمن يعاني «مراهقة منتصف العمر»!
في إحدى المؤسسات المحلية التي استغنت عن جزء كبير من عمالتها، بسبب تخفيض الميزانيات، كنت أتوقع أن أشاهد جواً مسيطراً من الكآبة، لكن الواقع كان أن خبر دراسة ضم المملكتين أثار جواً من البهجة والسرور، لم نعهده منذ زيادة الرواتب عام .2004 فأسعد الله من أسعدنا، وكما يقول المثل المغربي: «الي بغى الزين.. يصبر على تقب الودنين».. واخا؟!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .