في الحدث

شيزوفرينيا بثينة

مصطفى الحفناوي

«شعرت بشيزوفرينيا». عبارة صرحت بها بثينة كامل المرشحة المحتملة لانتخابات الرئاسة المصرية، بعد اخلاء سبيلها من النيابة العسكرية متأثرة بالمعاملة الجيدة التي فوجئت بها من القضاء العسكري. بثينة خرجت بشعور «ايجابي جداً» على حد قولها، بعد تحقيقات استمرت ساعات في اتهامين هما: سب وقذف أحد أعضاء المجلس العسكري وإهانة الجيش المصري، ما تسميه بثينة شيزوفرينيا، بسبب اختلاف التوقعات، اعتبره مجرد «التباس» لا تنفرد به بين المصريين وإن اختلفت الأسباب.

ربما كان من اسباب الالتباس تعدد الأدوار لشخص ما أو جهة ما، وعلى سبيل المثال، فإن المجلس العسكري له صفتان: عسكرية وسياسية، الأولى يحرص كل المصريين على الحفاظ على هيبتها وعدم المساس بها بأي صورة من الصور، أما الثانية فسياسية تسمح بوجود مساحات للاختلاف في الرأي وتقييم أي من القرارات والنتائج.

تعدد الأدوار لا يقتصر على أعضاء المجلس العسكري الذي يحظى بشعبية واضحة في مصر كنتيجة طبيعية لدوره في حماية ثورة يناير، وإنما يمتد إلى عدد كبير من رجال الدين الذين يدلون بتصريحات سياسية ويدعمون مواقفهم بنصوص دينية ويمارسون بالفعل العمل السياسي، سواء كان ذلك في اطر حزبية او خارجها، فهل نتعامل مع آرائهم باعتبارها فتاوى أو تعليمات دينية أو آراء سياسية يسري عليها ما يسري على غيرها من نقد وتمحيص ورفض، واحياناً استهجان وسخرية، كما نرى في دول عدة؟

والحقيقة أن عدداً من رجال الدين في مصر يمارسون السياسة بشكل او بآخر منذ سنوات طويلة، لكن العدد تضخم والمجال اتسع بعد ثورة يناير، الأمر الذي قد يدفع الشخص المتدين إلى الشعور بحالة من الالتباس إذا سمع أو قرأ لرجل دين ما يتناقض مع آرائه التي كونها عبر سبل المعرفة المختلفة، أو ما يتعارض مع مصالحه السياسية أو الاقتصادية أو الفئوية.

الالتباس يأتي أيضاً من عدم وضوح الأولويات ومنها الانتخابات أولاً أم الأمن؟ ففي الوقت الذي يطالب كثيرون المجلس العسكري بأن يكون أكثر حسماً وسرعة في اتخاذ القرارات، وأن يلعب دوراً متزايداً في حفظ الأمن، ويشجعون على محاكمات عسكرية عاجلة للبلطجية ولمن يهدد الأمن، يصر كثيرون ايضاً على اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في خريف العام الجاري، رغم الوضع الأمني الذي لا يكفل الطمأنينة، تماماً، في عمليات التصويت.

كما أن اجراء الانتخابات وتشكيل حكومة، بعد أربعة أشهر يعني تلقائياً امكانية الطعن في اجراء أي محاكمة عسكرية لأي شخص غير عسكري حتى لو كانت جريمة هذا الشخص هي البلطجة وترويع الآمنين. تعدد الأدوار وعدم وضوح الأولويات سببان رئيسان للالتباس، فهل نبدأ بترتيب الأولويات لننتقل الى تحديد الأدوار؟

alhefanawy@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر