أقول لكم
عندما أُعلن عن قيام مجلس التعاون الخليجي عام 1981 غضب صدام حسين، واعتبر هذا المجلس حلفاً موجهاً ضده، قالها في خطاب علني متحججاً بعدم توجيه دعوة إلى العراق للانضمام، وهو الذي كان في ذلك الوقت يطلق على نفسه حارس البوابة الشرقية للأمة، وكان يخوض حرباً مع إيران، وبعد فترة هدأ صدام ونظامه، واكتشف هو بنفسه أن دول الخليج تتكامل من أجل البناء، وتتعاضد لصد ما يعترض خطواتها نحو التنمية والتقدم، فسارع إلى تكوين مجلس التعاون العربي مع بعض الدول العربية، وكذلك فعلت دول المغرب العربي بمجلس التعاون المغاربي، وفرح الجميع بتلك الخطوات وظنوا أنها بوادر خروج من مراحل التردي، ولكن التنافر أفشل التجربتين الأخريين، فشل المجلس العربي ومعه المغاربي، فقط الخليجي هو الذي صمد، وفي ظل ظروف غاية في التعقيد، حرب طاحنة بين أكبر جارتين، ثم عدوان على دولة عضو من صدام وحرب تحرير، وأطماع تتلاحق، وحرب جديدة واحتلال للعراق وتمدد طائفي وإحياء لنعرات واستفزازات تتغير أشكالها وتتوحد أهدافها، ومجلس التعاون الخليجي سائر بعزم وتصميم نحو غاياته، وصامد رغم الأنواء، لا يتدخل في شؤون أحد، ولا يمثل تهديداً لأحد، نراه أول المتحركين لمد يد العون إذا نكبت بلاد، وأول الواصلين لتضميد الجراح، وأول الساعين إلى رأب الصدع بين الأخوة، وفي الوقت نفسه بُنيت بين جنباته أرض، مطمئن كل من يقيم عليها، وآمن كل من يسير في طرقاتها، عزيز ابنها ومقدر وافدها، وقد قيل إن سبب نجاح مجلس التعاون الخليجي تشابه أنظمة الحكم، فقلنا ونعم التشابه، إنها الميزة الأولى والأهم في هذه المنظومة المتكاملة في بنائها المستقر برضا أهلها ومساندتهم، الأهل الذين تداخلت أنسابهم وتشابكت أصولهم وتمازجت دماؤهم، من هنا جاء النجاح، من تآلف القلوب، واليوم يخرج علينا من يقول إن دعوة الأردن والمغرب تهدف إلى إنشاء حلف جديد بين الدول «الوراثية»، فما أشبه الليلة بالبارحة، ومع هذا يجب ألا نستهين بكل ما ينضح من أواني المفسرين والمتذاكين.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .