«الرفيق» أوباما
كأننا نرى الزعيم الكوبي فيدل كاسترو يطلق من هافانا تأييده لحركة الثورة التي تموج بها الأرض العربية، أو هو الزعيم الصيني ماو تسي تونغ وهو ينظّر لحركات التحرر الوطني ويحث الثوريين العرب على التخلص من أنظمتهم الرجعية، ولكن الحقيقة أن المتحدث لم يكن هذا ولا ذاك، والمكان لم يكن هافانا ولا بكين ولا حتى موسكو التي كانت ملاذاً لكثير من الثائرين العرب ضد الامبريالية الأميركية وحلفائها في المنطقة.
كان المتحدث باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، والمكان هو بيت الحكم في الدولة الكبرى التي كانت العدو الأول للثوار، والداعم الأقوى للأنظمة، وصاحبة مشروعات الأحلاف السياسية والعسكرية لمواجهة المد الثوري حيث كان، من أقصى شرق آسيا إلى أقصى غرب أميركا اللاتينية، مروراً بالشرق الأوسط، قلب العالم وشريانه الحيوي. فما الذي حدث حتى تتبدل النظريات، وتتغير المواقف، وتنهار نظرية «التاريخ يعيد نفسه» التي يفطر المنظرون عليها ويتعشون وهم جالسون على أرائكهم يفسرون ظواهر التاريخ ويحللون حركة الإنسان؟ ماذا حدث لكي تمسك أميركا ومعسكرها بلواء دعم حركات تحرر الشعوب، وتنتقل روسيا والصين وبقايا فلولهما إلى الجهة المقابلة لتحميا الاستقرار وتدافعا عن الأنظمة التقليدية؟ هل هو اكتشاف متأخر من المعسكر الغربي لحقوق الشعوب في الاختيار؟ أم هي محاولة لإرضاء ضمير أدار ظهره لكل آمال وتطلعات الشعوب، فاكتشفها في أحد أروقة مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم هي في الحقيقة المصالح التي طالما عطلت المبادئ والقيم، فكانت هي البوصلة التي توجه المواقف والسياسات، وتبدل الحلفاء، وتغير الأصدقاء حسبما تفرضه قوانينها؟
بناء عليه.. يحل «الرفيق» أوباما محل «الرئيس» بريجينيف، وتتبادل واشنطن ولندن الكراسي مع موسكو وبكين. واللبيب بالإشارة يفهم!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .