(تحسين نسل!)

التقيت بأحد زملاء المهنة الذين لم ألتق بهم منذ فترة طويلة، كان سعيداً على ما يبدو، خصوصاً أنني لم أذكره بـ«قسط الجمعية» الذي لم يدفعه قبل 15 عاماً قضاها في أعمال «البر والتقوى»، كما هم جميع الموتى الأحياء. وبعد فاصل المجاملات المعهود، وكمية كافية من غيبة الصحافيين والإعلاميين الذين لم يعودوا يحملون الهم القومي والعروبي، استأذن ليرد على ابنه عبر الهاتف الجوال الذي رن بنغمة «بابا فين» الشهيرة. الحق أنني فوجئت به وهو يكلم ابنه بلغة عجيبة، في طياتها كثير من المصطلحات «الديسكوية»، إذا صح التعبير، مثل: خراشو، باكا، سبسيبه، نيختشو، وكان هناك الكثير من الدادي والمومي في الموضوع. بالطبع الأمر لم يكن يحتاج إلى كثير من الذكاء لمعرفة أنه تزوج خلف الستار الحديدي، ولكني سألته وهو العروبي الثائر عن سبب ذهابه إلى آخر الدنيا، فأجابني بكلمة بدأت اسمعها بكثرة في هذه الأيام وهي أنه ذهب هناك «ليحسن النسل»!

لا أعرف ما القياسات التي يعتمد عليها كثيرون في موضوع تحسين النسل هذا، هل هو لون العيون فعلاً، والعدسات أصبحت تملأ كل بقالة في الفريج؟ أم أنه اللون الأبهق أم الشعر الذي يمكن أن تقوم بتمليسه في سوق التنين الصيني بـ300 درهم وتحصل معه على كريم لمعالجة تشققات كعب القدم؟ ما الذي سيجنيه من حصل على شاب بألوان قوس قزح، لكنه لا يتقن العربية؟ وما الذي سيجنيه من حصل على عروسة العيد التي لن يعرف بياض منديلها حمرة الشرف؟

هذا بالطبع إذا سلمنا بأن «نسلنا» هو ابن ستين، ويحتاج إلى تحسين فعلاً، ولكن بنظرة أخرى موضوعية ومرئية لنقم بعدد من المقارنات، لنعرف أي الفريقين بحاجة إلى تحسن نسل فعلاً، لنبدأ برجال الأعمال الشهيرين، انظروا مثلاً إلى صورة ريتشارد برانسون، صاحب مجموعة «فيرجين»، ستجدون أنه لا يختلف في منظره عن أي «بنشرجي» في صناعية الشارقة، شعر مزيت ومنقار وذبول بسبب حر غير موجود، ثم انتقل بالصورة إلى الوسيم محمد العبار، بغترته المميزة «بدون نشا»، والقلم الذي لم استطع معرفة موديله في الجيب العلوي دائماً، ارجع إلى هناك وتمعن صورة بيل غيتس الأول في قائمتهم، أو ستيف جوبز ببنطلونه الذي لم يغيره منذ كان جهاز الـ«أبل» يعمل على الديزل، ثم انتقل هنا إلى عبدالعزيز الغرير، والأمر لايحتاج إلى تعليق! لنعتبر أن رجال الأعمال حالة خاصة، لا بأس، انظروا إلى صورة اجتماع مسؤولي التعليم الأوروبيين، سترون صور «تقطع النسل»، ولا تكتفي بإفساده فقط، ثم انظروا إلى أشيب الفودين مغير الخييلي بابتسامته الساحرة، هل نقارن ايان بلير بومة اسكتلنديارد الشهيرة بخميس مطر المزينة؟ أم نقارن روني «من ناحية الوسامة» بعبيد الطويلة؟ وهل تمكن مقارنة ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز بأي وسيم لدينا؟!

يا جماعة والله بلادنا كلها حلوين، والعوق ليس في الجينات، لكنه في الرغبات!

shwaikh@eim.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة