تشفير الدوري.. مشكلة لحل مشكلة
فكرة تشفير دوري المحترفين أو جزء من مبارياته، في الوقت الحالي، تدرسها رابطة المحترفين وتسعى لتطبيقها اعتباراً من النسخة الرابعة للبطولة التي تنطلق سبتمبر المقبل، لن تفيد كرة قدم الإمارات في شيء، ولن تحقق اهداف زيادة نسبة الجمهور في الملاعب، بل ربما تنعكس سلباً على ترويج هذا المنتج محلياً وخارجياً، وتوجه له ضربة قاضية تسحقه وتقتل كل ما هو جميل فيه، وتخفيه نهائياً عن انظار من غابوا عن المباريات وتأملوا ان يشاهدوها على شاشتي ابوظبي ودبي الرياضيتين في المنازل والمقاهي.
دوري المحترفين لم يبلغ حتى هذه اللحظة مرحلة النضج الفني التي تغري عشاق الأندية وتحرك غريزتهم الكروية، للهث وراء شراء بطاقات الاشتراك ومشاهدة مستويات فرقهم الهزيلة التي فقدت في الموسم الفائت الكثير من شعبيتها لأنها لم تقدم شيئاً يرتقي الى طموح وكبرياء مشجعيها الذين خاب املهم جميعاً وخرجوا خاسرين من دون وجود لرابح واحد.
وباستثناء الجزيرة، الذي وقع عقد الفرح مع جمهوره مبكراً، بعدما حسم لقب الدوري قبل اربع جولات من نهايته، وجدنا جماهير أكبر الأندية الإماراتية قد فقدت الأمل في المرحلة الاولى من الدوري مثل الجمهور «الاوروبي» الذي قاطع فريقه في لحظة من اللحظات نتيجة ترجله عن القمة وفشله في المنافسة على الدرع، بعد ان دفع من جيبه في الموسم الماضي ونام خارج ملعب زعبيل تعبيراً عن اخلاصه ووفائه في مؤازرة الفهود في بطولة اندية الخليج، والعين الذي وضع نفسه في مأزق الصراع على الهبوط حتى خجل عشاقه من الوجود في المدرجات، وبات اكبر طموحاتهم البقاء مع المحترفين بعد ان كان المركز الثاني لا يملأ عيونهم، ثم الوحدة حامل اللقب السابق الذي فقد بريق المشاركة المونديالية وخسر بالخمسة امام اتحاد كلباء الهابط لينهي مسيرته خامساً.
المشكلة الأولى في غياب الجمهور ليس التضييق عليهم في قطع البث عنهم واجبارهم على الذهاب الى الملاعب، بقدر ما يشكله الأداء الفني الراقي والنتائج المميزة من حافز للآلاف من المتفرجين في الزحف خلف انديتهم، واطلاق العنان لحناجرهم للغناء والتشجيع بشتى الطرق.
نعم، أنا متأكد من صدق فطرة الجماهير التي ستأتي زاحفة مدججة بالآلات الموسيقية والطبول والأعلام اذا شعرت انها ستفرح وتستمتع بالنتائج والأهداف، وستتفاعل مع كل صغيرة وكبيرة تحدث داخل الملعب في متعة لا تضاهيها متعة الجلوس خلف شاشات التلفاز، كما ستتوحد بمختلف اطيافها وانتماءاتها وراء اي نادٍ سيمثل الدولة عربياً او آسيوياً بالمستوى الذي يلبي الطموح ويشعرها بقدرته على الإنجاز.
أما مسألة التشفير فمن المبكر التحدث عنها وسيلةً ترفع عدد الجمهور بما يتماشى مع متطلبات الاحتراف التي يتحدث عنها الاتحاد الآسيوي، قبل ان تتحقق الإنجازات والطموحات الفنية، لأن التشفير سيصبح مشكلة لحل مشكلة، وباختصار هو ليس عقبة امام من يذهب الى المقهى ويشاهد جميع دوريات العالم بالمجان وهو يشرب الشيشة ويحتسي القهوة والشاي والعصائر في اجواء مثالية بالنسبة له لا تتوافر في المدرجات.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .