أبواب

لحظات نادرة

خليل قنديل

يظل التاريخ يقدم لنا وبتناوب عجيب حوادث نادرة، تظل هي أيضاً قادرة على أن تكون وشماً لا يمكن التخلص منه، إذ تتحول مع الزمن إلى علامة نادرة في وجه التاريخ ذاته. ويفخر المرء أحياناً كونه أُتيح له أن يكون شاهداً على مثل هذه اللحظات التاريخية النادرة بمحض المصادفة والوجود في قرن مثل قرننا هذا، إذ يمكن تلفزة كل شيء.

والشهادة بالطبع لا تعني أن يكون المشهد مرئياً أمامك، بل بما تقدمه لك ثورة الصورة، فالمشهد الذي يقدم إليك طازجاً.

ولعل العالم مازال يذكر «البوعزيزي» ولحظته التاريخية النادرة، حين وقف في إحدى الساحات التونسية ليشعل النار في جسده احتجاجاً على حجز عربة الخضار التي صادرها أحد رجال بلدية تونس.

ولعل العالم يذكر أن جسد الفتى الذي أحرق احتجاجاً تحول إلى شرارة ثورية، أنهضت تونس من غفوتها التاريخية أمام قمع الدكتاتور «بن علي»، بل إن هذه الشرارة (الثورة) أيقظت في الوطن العربي الحراك الشبابي الذي امتد إلى مصر واليمن وليبيا وسورية. وقد دخلت عربة البوعزيزي مزادات عالمية، لكن المزاد المُدهش هو ما أعلنته بلدية باريس وهي تدشن ساحة من ساحات باريس قبل أيام، وتطلق عليها اسم «ساحة البوعزيزي».

وفي لحظة تاريخية نادرة حدثت قبل أيام وأمام التلفزة العالمية، وذلك حينما حاول شخص مجهول جذب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من ملابسه بطريقة عدوانية، أدخلت الرعب في ملامح ساركوزي، حدث هذا أثناء تجول ساركوزي مع حرسه في شوارع باريس ومصافحته بعض المواطنين.

وقبل ما يزيد على العامين فوجئ العالم على شاشات التلفزيون بحذاء الصحافي العراقي «منتظر الزيدي»، يتجه صوب رأس الرئيس الأميركي (بوش)، الذي نجا بأعجوبة، وقد وقع الحادث أثناء عقد المؤتمر الصحافي الذي كان قد عقده الرئيس بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بمناسبة توقيع المعاهدة الأمنية بين أميركا والعراق.

ولعل العالم يذكر كيف تحول حذاء هذا الصحافي العراقي إلى علامة تاريخية موجعة، وكيف أسهم هذا الحذاء في تسويق صناعته التركية بطريقة عجيبة، ولعل الأعجب من ذلك هو الدعوة إلى إدخال الحذاء في مزاد جعل سعره يصل إلى الملايين من الدولارات.

والحال أنه ينبغي علينا أن نبتهج ونحن يتاح لنا مشاهدة أخطر وأندر اللحظات التاريخية، بسبب التواصل اللحظي للفضائيات، بينما مرت قرون طويلة احتشدت فيها اللحظات التاريخية النادرة لكن من دون أن تكون مرئية أو مشاهدة.

khaleilq@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر