(موا..فد )!
من يعرف المشهد الاجتماعي المحلي في الإمارات سيعرف حتماً العديد من المصطلحات (الجيو ـ سياسية)، التي تميز هذا المشهد ولا تخلو من غرابة أو طرافة فالـ«زلمة» تطلق على أي رجل من بلاد الشام سواء كان أردنياً أو سورياً أولبنانياً أو فلسطينيا فهو «زلمة»، أما الـ«حقو» فتطلق على أشقاء الصمود في اليمن السعيد و«الزول» لا تحتاج إلى شرح بينما يطلق على مجموعة الأشقاء الآخرين في شمال وادي النيل المعطاء «المصاروة»، وهو جمع تكسير غريب لـ«المصري»، والذين يمتهنون المهن الصناعية منهم يطلق عليهم محلياً «الصعايدة» حتى وإن لم يكونوا يعلمون أين تقع (أبوذياب شرق)، ولم يغادروا الدلتا في حياتهم، والـ«وريا» تطلق على الإخوة من القرن الإفريقي سواء كانوا من الصومال أو جيبوتي أو إريتريا، ولم أجد لها أصلاً لغوياً أو اجتماعياً أثناء سؤالي شباب محمية «جرن يافور» في بني ياس سابقا.. وهناك مصطلحات جديدة بدأت تدخل إلى القاموس المحلي اللغوي مثل الـ«أغاتي»، والـ«صافي»، وقريباً ربما سنسمع عن الرجل «الزنقة»، في حال لم تنجح الثورة في بلاد كتاب نادي الشباب لا قدر الله.
هذه الفسيفساء وهذا المشهد الحضاري الإنساني في دولة الإمارات، برج بابل هذا الزمان، جميل برمزيته وجميل في احترامه وتطبيقه على الرغم من محاولات البعض عبر قنوات مشبوهة الإساءة إليه، وتشويه جماله بشائعات وتصرفات تبرأ التوجهات الرسمية في الدولة منها، هل يمكننا تخيل مدارسنا دون المدرس (المصري) بعصاه الملفوفة بلاصق الكهرباء الأسود؟ هل سيكون لشارع الرقة والمرقبات طعم دون المطاعم اللبنانية والسورية المتناثرة على ضفتيه؟ ألن تحس بضيق الشوارع وأنها تكاد تكتم أنفاسك إن لم تشاهد فيها ذلك «الزول» وهو يقود حتماً تلك الكريسيدا ويصيح بك من خلف الزجاج: تفضل؟ ألا يجب كما يقتضي العرف الإعلامي أن يوجد شخص ما سيكون اسمه حتماً «خيي» إيلي في كل قناة تلفزيونية أو قسم إعلانات محلي؟ لقد فتحت الإمارات ذراعيها للجميع دون استثناء قبل الأبراج الإسمنتية، وقبل المؤسسات العابرة للقارات، وقبل مناجم الأسهم، منهم من عاش فيها دهراً حتى لتحار في تصنيفه الرسمي، ولا تجد له سوى لفظة (موافد) ربما ، وكل من يحاول الآن أن يسيء لجهة أو جنسية أو طائفة ما هو دخيل على تلك التوجهات.
أصحاب الاجندات المشبوهة يستغلون أموراً تعد حقاً أصيلاً للدولة، مثل التوطين، والمجالس الوطنية، وجمعيات النفع المختلفة، ويقحمونها لبث سموم ووقيعة بين الناس هنا وهناك وزرع فرقة وأحقاد وسوء نيات لن تكون نتائجها القريبة ولا البعيدة إلا سيئة، سيبدأون بها ثم سيتوجهون للوقيعة بين أبناء الخليج ثم ربما إن لم يجدوا من يلجمهم سنسمع عن إمارات مختلفة وقبائل، لأن الفكرة لديهم واحدة، وهي عبارة نعرفها جيداً وسمعناها كثيراً، لكننا نقع في مطبها كلما نصبت لنا.
عبارة (فَرق.. تَسُدْ)!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه