أبواب
«صومــال»
الحديث عن بلدٍ كالصّومال، يشبه في مأساويّته مشاهدة مسلسل درامي خليجي، عمل يقوم به المرء لمجرّد قتل الوقت بطريقة دراماتيكيّة. فالواقع أنّ ذلك القطر الممزّق والموغل في العتمة والتعقيد ليس سوى مساحة على الخارطة تزدحم منذ أكثر من عشرين عامًا ببنادق المرتزقة، رايات القراصنة السوداء، حكايات القبائل، الأمراض المعدية وغير المعدية.. والجوع!
لا يحتاج الأمر إلى فطنة هدهدٍ ليدرك المرء أنّ للصومال من اسمه نصيباً، فمنذ عشرات السّنين والصّوماليون يستعدّون لرمضان، فهم شعبٌ لم يعرف إلا الصّوم عن الطّعام والشراب.. والمال، ويستطيع أن يعطي دورات تدريبيّة ومحاضرات لكل شعوب العالم إذا أرادوا أن يتعلّموا كيف يجوعون باحتراف.
يذكر خبر ما أن هنالك مليون طفل صومالي مهددون بالموت جوعاً وعطشاً، والأمّهات بتن يرمين أطفالهن الذين لا يستطيعون إكمال رحلة البحث عن الماء والغذاء ليلتهمهم الموت، قطعة قطعة، ويزدرد أرواحهم على مهل!
ويذكر خبر آخر أنّ الحكومة الصومالية نصحت رعاياها أخيراً بتناول أوراق الأشجار لكي يتمكّنوا من البقاء على قيد الحياة!
لا أعلم مدى جدّية هذه النّصيحة، أو صحّة هذا الخبر، ولكن على أحد ما أن يتدخّل سريعًا ليضع حدًا لهذه المهزلة، فإن استمر الوضع كما هو عليه فلن تكفي جميع أشجار الدمس الموجودة في الصومال لسدّ رمق الجائعين!
على أيّ أحد أن يتدخل حالاً، منظمة السلام الأخضر، منظمات حقوق «النباتات»، وحكومات العالم جميعها!
ليس من أجل أهل الصّومال، ولكن حفاظاً على أشجار الدمس من الانقراض!
أعرف أنّه ليس بيديَ شيء غير قلمٍ، أكتب/أكذب به، وأهش به على أحرفي.. وليس لي فيه مآرب أخرى. كان بودّي لو كان باستطاعتي أن أفعل به أشياء غير عاديّة، كتلك التي يفعلها الساحر بعصاه عندما يخرج من قبّعته المضحكة حمامات، وأرانب، وباقات ورد ملوّنة!
فأكتب.. وتخرج أرض الصومال قثاءها وفومها وعدسـها!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .