كل يوم
أبوظبي تعيد هيبة المعلم..
المعلم هو أهم شخص في العملية التعليمية، لو وصلنا إلى قناعة تامة بهذه الجملة، لاستطعنا تحقيق قفزات سريعة في التعليم، وسنتمكن من خلق جيل من المعلمين، قادر على إحداث الفرق، خلال سنوات قليلة مقبلة.
أَمَا والمعلم يراوح مكانه في ظروف صعبة، وراتب متواضع، وفقر شديد في استخدام الإمكانات والوسائل المتطورة في نقل المعلومة، فلا رجاء ولا فائدة، مهما زادت الميزانيات وصرفت الأموال على الأمور الأخرى، لأنها ستظل هامشية!
تحدثت سابقاً عن سنغافورة، وعن السر الذي جعلها تحقق قفزات حقيقية لافتة في تطوير التعليم، وهو بكل بساطة أنهم اكتشفوا أن المعلم هو أهم شخص في العملية التعليمية.
في معظم دول العالم، ونحن لسنا استثناء، يكون التعليم مهنة من الدرجة الثانية أو الثالثة، لكن في سنغافورة التعليم مهنة من الدرجة الأولى، فرواتب المعلمين ومديري المدارس كبيرة جداً، وتزيد على معظم المهن الأخرى، وأصبح المعلمون من الربع الأول في الدولة، واستثمرت الدولة في التعليم أكثر من أي شيء آخر، لذلك حصلت على نتيجة عالمية سريعة جعلت نظامها التعليمي يتفوق على الأميركان، وأصبحت واحدة من أكثر دول العالم تطوراً في المجال التعليمي، فيا له من سر!
أبوظبي اليوم، اكتشفت السر ذاته، وهو بالفعل خبر مفرح، وخطوة أولى مهمة جداً، وضعها مجلس أبوظبي للتعليم في طريقه إلى التميز، ولإحداث نقلة حقيقية في العملية التعليمية، لا تختلف كثيراً عن خطوة سنغافورة الأولى، وبالتالي فالتفاؤل بنجاحها غير محدود، خصوصاً أن تفاصيل المشروع الجديد مشجعة للغاية.
«مشروع متكامل، يهدف إلى إعادة هيبة المعلم معيشياً وأكاديمياً، بهدف العودة بمهنة التعليم إلى مصاف مهن الدرجة الأولى، وتشجيع المواطنين على الالتحاق به»، هذا ما صرح به مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، وهذا ما تفتقده مدارس الدولة جميعها، وهذا هو السبب المباشر لعزوف مواطني الدولة عن هذه المهنة، وتسرب الكفاءات منها، وبالتالي هو سبب مباشر أيضاً في تدني مستوى التعليم بشكل عام في المدارس الحكومية والخاصة أيضاً، فهناك معلمون في مدارس خاصة لا تتجاوز رواتبهم 3000 درهم، فماذا نتوقع، مثلاً، مستوى الطالب الذي يتولى تدريسه معلم من هذه الفئة!
مشروع متكامل سيعلن عنه مجلس أبوظبي للتعليم قريباً لتقييم المعلمين، وتحسين أوضاعهم، والاهتمام بالمتميزين منهم، واستقطاب وجذب شباب الإمارات مرة أخرى إلى هذا الحقل المهم، بعد تغذيته بكل وسائل الاستقطاب والجذب، كل ذلك تحت عنوان واحد شامل، هو «المعلم هو أهم شخص في العملية التعليمية».
مشروع حيوي، يلقى كل دعم وترحيب من حكومة أبوظبي، ولاشك في أن نجاحه يعني بكل المقاييس نجاحاً للعملية التربوية كلها، خصوصاً إذا صاحبه تحرّك مشابه على مستوى وزارة التربية والتعليم، لإعادة هيبة المعلم في مدارس الدولة كافة، فما الذي ينقصنا للبدء في ذلك؟!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .