5 دقائق
( بيضة الديك..! )
كان لدى العرب « البائدة » في الماضي اعتقاد بأن الديك يبيض في حياته « الصاخبة » بيضة واحدة، وكانوا مؤمنين بأن هذه البيضة الوحيدة تكون ذات فوائد صحية وسحرية كثيرة، ولمن أراد الاستزادة حول الموضوع فالمراجع كثيرة، إلا أن هذا المصطلح ( بيضة الديك ) أصبح يطلق على الأمر الصائب الوحيد الذي يفعله من قضى حياته في الأمور الخاطئة أو المعاكسة لتيار حياته.
أي أننا يمكن أن نطلق على فوز المنتخب بكأس الخليج عام 2007 بيضة الديك، على سبيل المثال، ولتوضيح المصطلح فقط، وقد حدث قبل فترة من الوقت خلاف فكري كبير في تفسير بعض آيات كتاب الله العزيز، بين المفكرين يوسف صيداوي ود. محمد الشحرور، وكان أن سبق للشحرور تأليف كتاب عكس التيار أحدث ضجة فكرية، فرد يوسف الصيداوي بكتابه « بيضة الديك » الذي كان يعني من عنوانه أن كتاب الشحرور لم يكن به أي شيء صائب سوى أن بدأ الشحرور كتابه بعبارة « الكتاب من الكتب » فلما تخطاها ( بحسب رأي الصيداوي ) لم يلفظ بأي شيء صحيح بعدها، كما تكرر المصطلح في بيت شعرٍ جميل لأحد الشعراء العرب الذي فوجئ بزيارة من محبوبته، سُرّ بها ولكنها أبطأت بعد ذلك فأنشد:
قد زرتِنا مرةً في الدهر واحدةً // ثنّي ولا تجعليها بيضة الديك.
وأنا أشاهد تفاصيل المشهد الليبي الذي اقترب فيه إسدال الستار على المشهد الأخير، وتستدعي الذاكرة تفاصيل بلد وشعب وشخوص انحرفت لديهم الثورة إلى طريق الاستبداد، كان لابد من ثورة أخرى لتصحيح الطريق، وتستدعي معها آلافاً من الساعات لخطب فخامة العقيد وساعات أقل لخطب وريثه الذي لم يحظ بالفرصة، لا تجد في كل الخطابات ما يستحق التدوين إلا بيضة الديك التي ذكرها سيف الإسلام القذافي مع دخول الثوار إلى طرابلس العاصمة قبل أسابيع عدة عندما سأله أحد المراسلين الأجانب عن الذي سيفعله إزاء رغبة الثوار في تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، فأخرج سيف الإسلام في حينها البيضة وهو يقول: « طز في المحكمة الجنائية »!
في هذه، وليس في أي شيء آخر، صدق سيف الإسلام، فالمحكمة الجنائية النشطة في مجال « تحصيل » الرؤساء والمجرمين المنتهية صلاحيتهم لا تجرؤ على المطالبة بأي من السفاحين الذين لايزالون في قمة عطائهم، من كان يهتم بالقبض على سفاح سربرنيتسا « مسلوسوفيتش » أو « كارازاديتش » بعد أن هدأت الأمور في البلقان ونسيت حتى بنات الشهداء أشكال آبائهن؟! أين كانت المحاكم وهي تطالب الآن بالعديدين بعد أن أزيلوا عن كراسيهم عندما كانوا يمارسون هواياتهم بإزهاق الأرواح يومياً وهم على تلك الكراسي؟! أين هي الآن من رئيس وزراء الدولة العبرية وهو لايزال يُستقبل في كل أنحاء العالم كأي فاتح .. محكمة من ورق وليست لديها (مثلنا) حتى بيضة للديك، هل تعرفون لماذا؟ لأننا لانزال نغني ( ديكي ضاع ... وندوره )!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .