5 دقائق

(تعرفون عايض؟!)

عبدالله الشويخ

صاحبي من النوع الذي يمكن أن نطلق عليه «الكلاسيكي» فهو لا يقوم بتغيير عاداته الحياتية مطلقاً ما لم يجبره على ذلك ظرف قاهر، ومن نواميس حياته الذهاب إلى الحلاق ذاته منذ ثلاثين عاماً أعرفه فيها، والجلوس على الكرسي ذاته، والغريب أن الحلاق الآسيوي الحاد الذكاء يسأله ذات السؤال منذ ثلاثين عاماً: خنجر دويرة ولا زاوية؟ ويرد صاحبي بالرد السمج نفسه في كل أسبوع: على ثلاثة شوارع!

إلى هنا وكان من الممكن أن تكون قصة صاحبي عادية تتكرر مع كل من لا يتقن حلاقة ذقنه بمفرده في المنزل، إلا أن حياة صاحبي مأساة حقيقية، سببها أنه يقيم في أحد الأبراج الجميلة في منطقة النهدة بجوار مركز صحارى للتسوق، بينما يقع الحلاق الذي يحب الحلاقة عنده في منطقة النهدة (2) التي تقع امام برج سكنه مباشرة، أي أن المسافة فعلياً بين الجهتين لا تتجاوز الخمسين متراً، ويمكن قطعها سيراً على الأقدام في حال عدم وجود الخط السريع، في أقل من 43 ثانية، بالنسبة للرجل العادي..

ولكن من قال إن صاحبي رجل عادي؟! يحتاج صاحبي إلى ركوب سيارته والالتفاف بها لمسافة أكثر من خمسة كيلومترات للوصول إلى البناية التي تقع مقابله مباشرة، وتستغرق هذه العملية في أيام حظه من ربع إلى نصف ساعة! أما في أيام نحسه (وهي كثيرة) فيحتاج إلى أكثر من خمس وأربعين دقيقة، إذ إن الخيارات امامه محدودة، فهو إما أن يأخذ الطريق بالعكس مروراً بصناعيتي الشارقة ودبي، ويلتف من عند القصيص الصناعية، أو أن يذهب من الناحية الأخرى إلى جهة «الملا بلازا» والنادي الأهلي ويلتف من هناك.

في السابق كان هناك شارع رملي بين المنطقتين تقوم سيارات الـ«فور ويل» بالذهاب منه، إلا أنه تم وضع لوحة مخيفة تقول إن «العبور على مسؤوليتك الشخصية» ما يعطي المغامر بعبور هذا الشارع الترابي شعوراً بأنه يقوم بتهريب ممنوعات أو أنه يهرب لاجئين بين المكسيك والولايات المتحدة، ثم بدأت دوريات الشرطة بمخالفة «المتسللين» في ذلك الشارع، وأخيراً تم استلهام التجربة العراقية بإقامة شبك فاصل بين الشارعين..

بقي أمل صاحبي في اعادة افتتاح شارع الممزر، الذي استلهمت احدى الجهات بدورها تجارب الآخرين، فقامت بوضع حواجز اسمنتية وأوقفت المرور منه قطعياً، بحجة أنه سيقوم بنقل الازدحام إلى مناطق أخرى، وقد كان ذلك قبل افتتاح خطي المترو بفترة طويلة.

في كل يوم يقف صاحبي على شرفة منزله ينظر إلى حلاقه الأثير بكل حب، ويفكر في إلقاء نفسه من الشرفة، خصوصاً أن له تجربة سابقة عندما كان يسكن في منطقة الخوانيج ويدرس في جامعة الشارقة.

هل يوجد لدى مسؤولي التخطيط أو البلديات أي رغبة في اعتبار صاحبي «بغلة» وتذليل الطريق له حرصاً على سلامته وسلامة الآخرين؟!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر