من المجالس

البنوك طماعة بشهادة «البنكر» الأول في الدولة عبدالعزيز الغرير. ولأن الرجل كذلك، فأظنه يقرأ إلى أين أوصل طمع البنوك الاقتصاد في دول كبرى، وذات اقتصادات عملاقة من أزمات وسقطات وانزلاقات كارثية، بدأت تتحول إلى كوارث اجتماعية وأزمات سياسية تهدد نسيج مجتمعاتها وتنذر بصراعات داخلية وحروب خارجية لا تبقي ولا تذر.

وقد زاد طمع البنوك في السنوات الأخيرة تحت ذريعة مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، فجعلت الأفراد أهم أهدافها في تكوين السيولة ومراكمة الأرباح، بدلاً من توجيه أفكارها ومدخرات زبائنها في الاستثمار عبر المشروعات الإنتاجية ذات المردود الاستراتيجي لاقتصاد الدولة. فقد سعت البنوك ــ حسب الغرير ــ إلى زيادة أرباحها عن طريق بيع خدمات ومنتجات مصرفية للمتعاملين تزيد على حاجتهم الفعلية، وأفرطت في تسويق منتجات مصرفية من دون دراسة قدرتهم الفعلية على السداد. وما لم يقله عبدالعزيز الغرير وأثبتته الإحصاءات والبيانات التي سبق نشرها، أن البنوك لم تكتفِ بزيادة الأحمال على زبائنها والمجتمع بما تحققه من فوائد مركبة وظالمة على القروض الشخصية، بل تفننت في فرض الرسوم وافتعال الخدمات المدفوعة وفرضها على العميل، من دون إذن منه حتى بلغت أرباحها من هذه السياسات مليارات الدراهم.

وإذا كان المصرف المركزي قد تدخل، تحت ضغط الشكوى العامة، في موضوع الرسوم، من خلال لوائح قام بوضعها للحد من جموح البنوك في هذا الشأن، فإن سياسات الإقراض، وتوصيف الخدمات البنكية أصبح بحاجة إلى تدخل يتصدى لجشع البنوك، ويحميها من نفسها أولاً، ويحمي المتعاملين من شرور طمعها. فحجم الدين العام في صعود، على الرغم من الارتفاع المتصاعد في مستوى الدخل الفردي، وهي معادلة مائلة تفرضها ثقافة الاستهلاك والمغامرة التي تشجعها البنوك بكثير من الإجراءات الحمائية لها، والكثير من التوريط للمدينين.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة