من المجالس

عادل محمد الراشد

في البداية علينا أن نشكر مجلس أبوظبي للتعليم على قيامه بتكريم الفنان الخطاط الفذ محمد مندي، فتلك بشارة تفيد بأن التوجه بدأ يستعيد بوصلته ويعيد إلى اللغة العربية وضادها المضطهدة اعتبارها. ففي خضم التيه الذي تعانيه السياسة التعليمية منذ سنوات ضاع الحرف العربي، وصارت معانيه وثقافته كأنهما تتنفسان من تحت الماء، وبدت مخارجه مبحوحة وأنفاسها مخنوقة وما عاد لسانها عربياً مبيناً.

لم يستسلم محمد مندي لهذا الإهمال المحزن الذي أصاب حروفها، فأصر على رفع صوتها ولو من تحت الماء، وأصر على أن يواصل الضاد استعراض خصاله ويتمسك بمقعده على منصة العرض الكبير، فاستمر مندي في تقديم سيمفونياته على نوتة «أبجد» وأخواتها، مصراً على توصيل أنغامه لكل الآذان ومتفائلاً بأن بين الآذان ما لاتزال تعشق اللحن الأصيل. واصل مندي النقش على الحجر اقتناعاً منه بأن ما يخطه يستعصي على أفكار مدادها من ماء.

يقول شيخ الخطاطين العرب الإماراتي محمد مندي إنه «وجد انجذاباً تجاه أشكال الحروف العربية في مرحلته الإعدادية، خصوصاً أن مدرس اللغة العربية كان يكافئ أصحاب الخطوط الجميلة». هنا نحن بحاجة إلى أكثر من وقفة حول نمط المعلم الذي أسهم بعفوية إخلاصه وحبه لمهنته في صناعة موهبة فذة قلما يجود بها الزمان، وربما ذهب المعلم إلى جوار ربه أو إلى مرحلة الاستراحة الأخيرة، لكن آثاره بقيت في نتاج عمله.

وكعادته في رفض الانجراف مع التيار يتمسك الفنان محمد مندي بطموحه في استعادة مادة الخط العربي مكانتها في الصف المدرسي، لتكون في شكل كتاب مستقل يعيد لأطفال الإمارات حقهم في إظهار مواهبهم وتعلم الأسماء كلها بحروف عربية لا يعتريها غبش ولا يضيعها تيه.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر