كل يوم
أمثلة الفشل أكثر من النجاح..
مشكلات الشباب المتفرغين لأعمالهم الخاصة متشعبة، وجهدهم مهدر بين جهات اتحادية وأخرى محلية، تختلف القوانين المقيدة لهم، وتتنوع بتنوع الجهات المشرفة على القطاع الذي يعملون فيه، لكن تتفق جميع الجهات على استحداث وسحب رسوم مختلفة ومستمرة عليهم، وبعد الرسوم هناك المضايقات المشددة على شكل قرارات وقوانين إجبارية معقدة، تتبعها غرامات ومخالفات لها أول وليس لها آخر، وفي النهاية يجد الشاب نفسه مرغماً خارج اللعبة، أو على أبواب السجن!
ما سمعته خلال الأسبوع الماضي بمجرد طرح موضوع المضايقات التي يتعرض لها شباب تفرغوا لتشغيل مشروعاتهم الخاصة كان غريباً، ولا ينطبق أبداً مع توجهات الدولة نحو تعزيز مكانة المواطنين ودعمهم في القطاع الخاص، كما لا يتفق أبداً مع جهود الدولة التي أنشأت كثيراً من الصناديق الاتحادية والمحلية لدعم الشباب وتشجيعهم على تنفيذ مشروعات خاصة بهم، فالواقع الفعلي لهؤلاء الشباب يستدعي تدخلاً واضحاً وصريحاً من الحكومة لإيقاف كثير من الممارسات «الحكومية» أيضاً، التي تقوم بها جهات ومؤسسات اتحادية ومحلية تنفر المواطنين، وتسهم في فشل مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، لن نقول عن عمد، لكن بسبب التعنت في تطبيق القوانين عليهم، بما لا يتناسب مع إمكاناتهم، والتشديد عليهم أيضاً من ناحية الرسوم والضمانات والاشتراطات الصعبة المكلفة.
أحد هؤلاء الشباب، سمعته ذات مرة يتحدث في البث المباشر، قصته أبرز مثال على ما يواجهه الشباب من مضايقات، فهذا الشاب أطلق مشروعاً متميزاً اسمه «أهداف»، وهو عبارة عن تشييد ملاعب مغطاة في أماكن مختلفة وتأجيرها لمن يرغب بالساعة، ولاقت فكرته نجاحاً كبيراً في مرحلتها الأولى، ما شجعه على توسيعها وتطويرها، فاستأجر أرضاً في منطقة الورقاء، وأخذ عليها الموافقات اللازمة من الجهات كافة، واستثمر ما يقارب خمسة ملايين درهم لتشييد الملاعب، وكانت حسب ما عرفت، على مستوى رفيع وفخم للغاية، لم يكتفِ بذلك، بل فتحها لأبناء أهالي المنطقة مجاناً، لكن جزاءه كان شكوى من شخص واحد، شكوى غير منطقية، لسبب بسيط أن جميع الأهالي كانوا في صف الشاب، بل أعطوه موافقة خطية على بقاء الملاعب، لكن ذلك لم يشفع له، وكان القرار في لمحة سريعة من الجهة المختصة بإغلاق الملاعب، من دون تحقيق، ومن دون تأكد، والأغرب من ذلك أن الجهة التي أغلقت الملاعب هي الجهة ذاتها، التي رخصت له العمل في تلك المنطقة!
لم يلتفت أحد من المسؤولين إلى حجم المبالغ التي اقترضها الشاب، وهو مطالب بدفعها إلى البنوك، ولم يفكر أحد من المسؤولين في الخسارة اليومية التي يتكبدها هذا الشاب، وتقدر بـ 3000 درهم كل يوم، ولم يفكر أحد منهم في إيجاد حلول وسط، بدلاً من اللجوء بكل بساطة إلى قرار إغلاق، ربما ينهي مستقبل شاب اجتهد وفكر ونفذ مشروعاً مميزاً لاقى نجاحاً، وهو بكل تأكيد ليس المسؤول حالياً عن الفشل، في ظل غياب القوانين والجهات الداعمة للشباب ووجود قوانين تحطمهم ولا تنصفهم.
مثال واحد، والأمثلة الأخرى كثيرة جداً، على فشل مشروعات الشباب، أكثر بكثير من نجاحاتهم، وما سمعته عن معوقات غريبة لهؤلاء الشباب، أتمنى لو يسمعه كل المسؤولين في وزارة العمل وبلديات الدولة والدوائر الاقتصادية وبعض الهيئات الحكومية، وحتى إدارات الدفاع المدني.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .