كل يوم
اربح.. ودع غيرك يربح
شعرت بنبرة تردّد وخشية من شيء ما، في تأكيدات نائب مدير دائرة التنمية الاقتصادية لشؤون التخطيط والتنمية، علي إبراهيم، بأن «مشروع إنشاء صندوق معاشات للوافدين مجرد فكرة في مراحلها البدائية من ناحية الدراسة، وإمكانية التطبيق»، في حين أن هذه الفكرة متميزة وتستحق أطرحها بشكل معلن للنقاش، خصوصاً أنها واحدة من مبادرات عديدة تقوم بها الدائرة لتحسين البيئة الاستثمارية، وزيادة عوامل الجذب في دبي.
الفكرة في حد ذاتها رائعة، وهي ليست كما يرى خبراء واقتصاديون مشروعاً إنسانياً وحضارياً بالدرجة الأولى فقط، بل أعتقد أنها مشروع اقتصادي واستثماري مهم لكل الأطراف بالدرجة الأولى، لأنه سيؤدي إلى إنعاش حركة الاستثمارات والسيولة في الأسواق المحلية، إضافة إلى كونه مشروعاً إنسانياً وحضارياً سيحقق من دون شك استقراراً للعمالة الوافدة، ويمنحها ضماناً كافياً، ما ينعكس إيجاباً على حياتهم في الإمارة.
فكرة صندوق المعاشات للوافدين، تندرج تحت نظرية «اربح ودع غيرك يربح»، ولا حرج أبداً في أن نؤكد أن اقتصاد الإمارة سيستفيد من هذه المبالغ المقتطعة من رواتب الوافدين بشكل شهري، لإدخالها في دائرة الأعمال المحلية، وضخها في السوق، وفي أوجه استثمارية مختلفة، في حين أن الوضع الحالي يساعد على تسرب السيولة وبشكل شهري خارج حدود الدولة، ولعل معظمنا يملك فكرة واضحة عن حجم التحويلات المالية الشهرية من الإمارات إلى دول عديدة، والتي تشكل من دون مبالغة مصدر دخل أساسياً ومهماً لتلك الدول، في حين لا تستفيد الدولة من هذه الأموال شيئاً.
هذا بالنسبة للدولة، وبالنسبة للموظف أو العامل الوافد، ففي الصندوق مكسب مالي مباشر، إذ يعتبر وسيلة ادخار مضمونة، يحصل من خلالها هذا الموظف على مصدر دخل طويل الأمد بعد انتهاء عقد عمله ورجوعه إلى بلده، وفي كل الأحوال، فإن مثل هذه الفكرة ليست بالأمر الجديد، وهي مطبقة في كثير من دول العالم، بل إن جميع دول العالم المتطورة تطبق هيكلاً واضحاً للتقاعد بصرف النظر عن جنسية الشخص.
الفكرة تستحق الدراسة، بل نشدد على أخذ الوقت الكافي للدراسة، لوضع آلية عمل واضحة، تُحفظ فيها للعامل حقوقه وحقوق الشركات، سواء كانت أجنبية أو إماراتية، خصوصاً في ما يتعلق بالمسائل الإدارية المتمثلة في كيفية استثمار المبالغ، والخطة المتبعة في الاستثمار، والمسائل التنظيمية الأخرى، ومن المهم أن يتأكد المساهمون في الصندوق أن الأمر لا يتوقف على اقتطاع نسبة من رواتبهم، بحيث تتراكم ويجدونها فقط عند المعاش، فالأصل أن موجودات الصندوق أموال متحركة في السوق، وتشكل استثمارات ضخمة، لها عوائد، ولابدّ أن يستفيد المساهم من تلك العوائد، ليكون أكثر حماسة للمشروع، وحتى لا يكون الأمر بمجمله مجرد صندوق للتوفير، فتحقيق المصلحة أفقياً وعمودياً، يزيد من نجاح الفكرة أكثر فأكثر.
لا ضير أبداً من إنشاء الصندوق، ومن الضروري أن يكون الانضمام إليه إلزامياً لكل الإخوة الوافدين، لأن فيه نفعاً كبيراً لهم، ويحفظ حقوقهم، ويقلل من المنازعات بينهم وبين جهات العمل، فضلاً عن مشكلات نهاية الخدمة، ما سينعكس إيجاباً على سوق العمل، وعلى الاستقرار الاجتماعي عموماً.
http://twitter.com/#!/samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .