المساهمة المجتمعية مجدداً
لم أبالغ، عندما قلت أمس، إننا نواجه مشكلة حقيقية في التوفيق بين المحسنين، وإقناعهم بالتنازل عن بعض الحالات الإنسانية لوجود من سبقهم إلى التكفل بها، وهذه كانت حالنا في الصحيفة وفي «الخط الساخن» طوال يوم أمس، لا يمكن تخيل حجم الخير والإنسانية اللذين يتمتع بهما شعب الإمارات الكريم، فالمسألة بالنسبة لهم، نخوة، وعزة، وكرم، ورغبة في مساعدة الآخر، من دون منة ولا حباً في شهرة.
هي ساعات بسيطة للغاية، تلك التي فصلت صدور الصحيفة، إلى حين وقوعها تحت يد المسؤولين في بنك دبي الإسلامي، وخلال هذه الساعات المعدودة، صدرت الأوامر سريعة من رئيس مجلس الإدارة محمد الشيباني، للتبرع بمبلغ سخي جداً هو عشرة ملايين درهم، كانت كفيلة بفك ضائقة الدفعة الأولى البالغ عددها 25 سجيناً، من المشمولين بحملة «الإمارات اليوم»، التي أطلقتها الأحد الماضي، للإفراج عن 40 سجيناً معسراً، بمناسبة مرور 40 عاماً على قيام الدولة.
جميعهم سيشملهم المبلغ، بل إن هناك فائضاً سيتوافر، ما يسهل كثيراً من مهمة الوصول إلى الهدف من إطلاق سراح 40 معسراً استهدفتهم الحملة، وسيكون ذلك ملحوظاً خلال الإعلان قريباً عن الدفعة الثانية من السجناء المعسرين، الذين تخضع أوراقهم حاليا للدراسة والتمحيص، من خلال «صندوق الفرج»، التابع لوزارة الداخلية، إنه فعلاً إنجاز يدعو إلى الفخر، والمسؤولون في بنك دبي الإسلامي مع الإخوة في «صندوق الفرج» يستحقون كل شكر وتقدير. أوللأمانة، فإن جهد بنك دبي الإسلامي المقدر والمشكور، لا يعني أبداً تجاهل كل من اتصل أمس، وحاول جاهداً تقديم العون والمساعدة إلى حالات عرضت ضمن القائمة الأولى، فلهم الشكر على مبادرتهم، ولهم كل تقدير على نياتهم الخيرة، ونحب أن ننبههم، وجميع الراغبين في مساعدة هؤلاء السجناء المتعثرين في قضايا مالية، إلى أن باب التبرع لـ«صندوق الفرج» سيظل مفتوحاً، وهناك كثيرون يحتاجون إلى أيادي المحسنين البيضاء، وقائمة الأربعين، ما هي إلا حملة مؤقتة مربوطة بمناسبة عزيزة على قلوب الجميع، أما المساهمة الخيرية، ومد يد العون، فهما عمل مفتوح ودائم في هذا المجال، وهو غير مربوط بحملة، أو فترة زمنية معينة.
حصل بنك دبي الإسلامي على السبق في تفريج كربة 30 مواطناً معسراً، وفي ذلك إشارة واضحة إلى دور المصارف والشركات الحكومية وشبه الحكومية، والقطاع الخاص بشكل أشمل، لتكرس جزءاً من جهدها ومالها تجاه العمل المجتمعي، فلايزال هذا الأمر ضعيفاً في الإمارات، ولايزال ملف المساهمة المجتمعية مغلقاً، على الرغم من وجود الآلاف من الشركات القوية، ما يثير دائماً كثيراً من علامات التعجب والدهشة!
ربما يكون المستقبل أفضل، نتمنى ذلك، وربما تساهم مثل هذه المبادرات والأخبار في تحفيز بقية شركات القطاع الخاص على المساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع، والسعي إلى رد الجميل لهذه الدولة التي تقدم يومياً تسهيلات لا يمكن وجود مثلها في بقية دول العالم.
معادلة غير متعادلة حالياً، ونسبة المساهمات المجتمعية قليلة من قبل القطاع الخاص، والتركيز على شق جني الأرباح دون الالتفاتة إلى المجتمع، لا ينبغي أبداً أن يستمر طويلاً في هذه الدولة المعطاءة الكريمة.
http://twitter.com/#!/samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .