« النوط الأزرق..! »

حسناً فعل المصرف المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة بإعادته الاعتبار إلى ورقة الـ500 العزيزة علينا جميعاً، إذ أعلن المصرف الأسبوع الماضي عن طرح « فيرجن جديد » منها يحتوي على سمات أمنية جديدة، وحقيقة يستحق « النوط الأزرق » هذا الإصدار، خصوصا بعد خدمة أكثر من 30 عاماً، على عكس بعض المطربين الصاعدين الذين لم يسمع بهم أحد، ويصرون على وضع « بوسترات » عن إطلاق النسخة الرابعة من ألبومهم الأول، الذي يكون في العادة قد تم توزيعه مجاناً.

لـ« النوط الأزرق » فوائد عدة، فهو مفيد صيفاً وشتاء، ففي هذه الأيام الباردة لا شيء يشعرك بالدفء والطمأنينة مثل مجموعة منه في جيبك، وأرجوك لا تحدثني عن دفء النار في الصحراء وطقطقة الكستناء، وكل تلك الأمور الخيالية، فكلنا يعرف أن « النوط » هو العامل الأكثر جلباً للدفء، وفي فصل الصيف تكفي ربطة منه تقوم بتحريكها أمام وجهك لتنسى تماماً التأثيرات الجانبية للحر والرطوبة، ولا أجمل من تلك النسمات المهفهفة التي تحمل الرائحة المميزة لورق « البنكنوت » الفاخر، الذي تصنع منه العملات الورقية.

ومن الأمور الأخرى التي تحملنا على احترام خاص لـ« النوط الأزرق » هو طبعنا كشعوب متدينة بالفطرة، فالورقة من « قوم بوخمسميه » هي الورقة النقدية الوحيدة التي تحثنا على أداء الصلاة بصورة مسجد جميرا الكبير التي تزين وجهها الخلفي، فلا بنايات ولا قلاع ولا العنز الموسوم على ورقة « بوخمسين »، كما أن هوية الـ500 واضحة فهي « نصراوية بكل وضوح »، وتحس في لونها الأصالة والوضوح على عكس نوط « بوألف » محدث النعمة الذي لا يمكنك تمييز لونه بين « نادي الوصل »، و« نادي عجمان »، و« نادي جمهورية شبين الكوم »!

نظرة الصقر على الوجه الأول من ورقة بدورها « كم تسوى » كما يُقال، تجمع ما لا يمكن أن يُجمع بآلاف الأبيات... وعلى كل حال لو بقيت أتغزل في هذه الورقة حتى اليوم الوطني الـ،500 فلن أوفيها حقها ومقامها المحفوظ رغم العادة السيئة التي انتشرت أخيراً باستخدام بعض البطرانين لها في عملية « الترقيم »، رغم بدء انحسار هذه الظاهرة بعد أن منّ الله علينا بنعمة « البلوتوث » ( قوم بوبلاش )!

السلبية الوحيدة في هذه الورقة هي أنها كيميائياً تمر بما يسمى حالة ( التسامي )، وهو تحول المادة من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية دون المرور بحالة وسطية بينهما، فعلى سبيل المثال كنتُ أحمل ورقة في جيبي لكي أستخدمها في كتابة هذا المقال، وكل ما فعلته هو أنني أنهيت بعض المشاوير البسيطة في طريقي إلى المكتب: ( الدوبي، الحلاق، واصل، سالك، إمارات، وردةٌ حمراء لها... الخ )، والآن أبحث في جيبي ولا أجد « النوط »... أقسم بأنه كان هناك!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة