من المجالس
في ظل ربيع عربي لم تتفتح أزهاره ولم تكتمل ألوانه بعد، وخريف اقتصادي عالمي بدأت أوراقه تصفر ثم تتساقط، تبدو أرضية الملعب مناسبة جداً للدولة الصهيونية لإمطار المرمى الفلسطيني بالمزيد من الأهداف بما تبقى من « عناقيد الغضب »، وما بقي من نقاط على خرائط المشروع الكبير.
غارات على غزة تحصد المزيد من أرواح الأطفال والرضّع الذين كانوا في طريقهم إلى تحضير الصواريخ العابرة لتخترق القبة الحديدية التي أقامتها « قوات الدفاع الإسرائيلية » بتمويل أميركي ولم تفلح في صد أنابيب المفرقعات التي تهدد وجود الدولة اليهودية المختارة. وبفعل قوانين القوة الدولية فإن الهدنة قائمة من طرف واحد، ومسموح باختراقها من الطرف الآخر في الزمان والمكان اللذين يختارهما، دونما حاجة لإبلاغ الضامن الدولي ولا الأخذ باعتبار ما يسمى حقوق الإنسان وحماية المدنيين في أوقات الحروب. لذلك فإن كل الأبواب مفتوحة للطيران والمدفعية الإسرائيلية لدخول أجواء غزة بلا « احم ولا دستور »، وانتقاء المنزل المطلوب لهدمه على رؤوس من فيه تحت حراسة داخلية مرهونة بالتوازنات السياسية والحسابات الإقليمية والدولية، وغطاء دولي تسقط من قواميسه كل القيم التي تنص عليها المواثيق الدولية. فلقوات « الدفاع الإسرائيلي » أن تضرب متى شاءت، وعلى الضحية أن يلتزم ضبط النفس وضبط أطفاله المشاغبين أو يقبل بتسييل دمائهم قرباناً للسلام الموعود.
وفي القدس تجاوزت التعديات حدود الاستيطان وطرد المقدسيين من منازلهم سيراً إلى التهويد، ووصلت إلى مرافق المسجد الأقصى وجسوره وبواباته الموضوعة على قائمة الهدم تحت طائلة إعادة التخطيط. وفي ظل الانشغال العربي بالهزات التي صارت الكراسي من فوقها تتراقص، تبدو ظروف المباراة تسير في مصلحة الصهاينة بشكل لا يتوقعونه في قبول العواصم العربية الخروج بهذه الغلة من الأهداف، على الرغم من كل ما يقال عن ارتعاد فرائص حكام تل أبيب من نتائج « الربيع العربي ».
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .