(ممقن.. !)

كنا نجلس في الـ« كبره »، التي تحولت بقدرة قادر إلى مقهى رسمي، أنا وزملائي الخمسة: عبدالله وعبدالله وعبدالله وأبوعبدالله وأبوعبدالله، وبالطبع فإنه على الرغم من أن الجميع يحمل مسمىً واحداً أو أحد مشتقاته، فإن أحداً لم يرتبك عند طلب معين أو عند مناداة أحدنا الآخر، فعندما يقول أحدنا: « عبدالله اطلبلنا فطاير »، فإن عبدالله المقصود سيعرف بالضبط أن الحديث موجّه إليه من سياق الحديث، لأنه تخصص « فطاير »، ويعرف كيف يوصل تهديده المبطن إلى صاحب المخبز عن طريق جملة افتتاحية على غرار « السلام عليكم معك عبدالله إلّي يداوم في سلامة الأغذية »، وعندما يسأل أحدنا : « عبدالله كم انتهت مباراة اليوم؟ »، فإن عبدالله المعني يعرف أن السؤال موجّه إليه، لأنه الوحيد الذي يؤهله وضعه المالي لشراء بطاقة اشتراك قناة الجزيرة، وهذا الأمر لم يكن يزعجني ولا يزعج عبدالله ولا عبدالله، بل إن عبدالله نفسه أيضاً اعتاد التعاطي مع الأمر.

إلى هنا والأمر محتمل ويتكرر في كل « شلة قهوة »، لكن عندما يصبح اسم كل من في « الفريج » والدولة لا يتعدى « الأسماء الخمسة »، وهي ستة في الأصل، بالمناسبة قام اللغويون بحذف السادس لبذاءته، فلدينا محمد وعبدالله وسلطان وسالم وراشد يشكلون غالباً نسبة أكثر من 99٪ من سكان الإمارات، ومن لا يحمل أحد هذه الأسماء وأسماء أخرى قليلة بالطبع أصبح يتوجه مباشرة إلى أقرب محكمة ويطالب بتغيير اسمه بحثاً عن « المكانة الاجتماعية »!

الظاهرة أصبحت موجودة وبكثرة وتبدو في الأفق نذر تحولات غير طيبة، فالتنوع في الأسماء ليس عيباً، خصوصاً أن الكثير من الأسماء، وإن لم تكن محلية فهي عربية قلباً وقالباً. هناك قصة عن الذي رفع قضية على والده لأنه سمّاه « صالح » ويريد تغيير الاسم دون رضا العائلة، على الرغم من أن « صالح » اسم نبي من أنبياء الله المطهرين، فهل ستنتقل « كروموسومات » أجداده من الجبال التي وجدت فيها إلى « الليسلي » مباشرة إذا قام بتغيير اسمه؟ هل سيتغير لون « شنبه » الأصفر؟! الموضوع شائك، ولا شك في أن كلنا ينشد الاحترام والتقدير في نظرة المقابل له، لكن هذا لا يعني الإهانة لمن سمّاه بتغيير اسمه وجلدته، صدقني أيها الراغب في تغيير اسمك أنا أحبك كما أنت، وأحبك لأنك أنت، أحبك بمحاسنك ومساوئك، لو لم نحب أناساً على مساوئهم لما أحببنا إلا الملائكة! لا يهمني إذا كان اسمك أسامة أو راشد، خليل أو حارب ليكن اسمك « الشنفرى » أو « ديل بييرو » أو حتى « يديعوت أحرونوت »، كن أنت وتأكد أني أقبلك بابتسامتك البلهاء الخاوية، أحبك بـ« كندورتك الكشخة » التي تخفي تحتها فانيلة متمزقة الإبطين، أحبك بنظرتك البريئة عندما يوقفك شرطي المرور مرتكباً سبع مخالفات ومدّعياً الصدق، أحبك سواء كنت من « رس الدار » أو من « بطن الدار »، أو لم تكن أصلاً من الدار، أحبك بهروبك المتكرر إلى دورات المياه عند وصول الفاتورة في المقهى، أحبك عندما تتصل باكياً في الثانية فجراً وتقول لي إنها لم تعد تحبك! أحبك عندما تقفز فرحاً بكل هدف يسجله برشلونة كأن ميسي « أخوك من الأم »..

أيها الأحمق العزيز

أحبك لأنك أنت، فكن أنت، واعفنا من مشاوير الكاتب العدل!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

الأكثر مشاركة