كل يوم

أرجو أن يكون الأول.. والأخير!

سامي الريامي

قدّر مديرو دوائر محلية شاركت في معرض إنجازات دوائر دبي، الأسبوع الماضي، إجمالي كلفة إقامة المعرض بأكثر من 15 مليون درهم، وذلك بناء على كلفة إنشاء الأجنحة المختلفة للدوائر، التي راوحت بين 100 و500 ألف درهم لكل جناح، إضافة إلى التكاليف الأخرى، والوقت المهدر من المسؤولين والموظفين للإعداد والمشاركة في هذا المعرض.

أولئك المديرون أنفسهم أقسموا أن دوائرهم لم تستفد أبداً من المشاركة، بل إن بعضهم كان لا يريد المشاركة من الأساس، نظراً لوضوح الصورة منذ البداية بعدم جدوى الفكرة أساساً، لكنهم شاركوا على مضض لأسباب عدة، أحدهم قال لي بالحرف الواحد: «كنت أفضّل توزيع مبلغ 200 ألف درهم على الموظفين المتميزين بدلاً من تشييد جناح لعرض إنجازات تم عرضها سابقاً في (جيتكس)»، وآخر كان أكثر صراحة وقال: «لو كتبت شيكاً بالمبلغ وأعطيته إلى المنظمين لكان أفضل بكثير من تضييع وقت موظفين في المشاركة في معرض غير مقتنعين بأهميته!».

لست ضد الأفكار الجديدة، ولا أحد في دبي ضدها، ولا ألبس نظارة سوداء لا ترى إلا السلبيات، كما علق البعض على مقالي السابق عن المعرض، ولا أهدف من هذه المقالات إلى انتقاد أشخاص بعينهم، ولا ننتقص من جهد أو فكر أحد، لكن هذا لا يعني أن نتحدث بشكل منطقي، فلا يعقل أن نكرر أنفسنا في شهور قليلة وتحت سقف واحد، ولا داعي لتحويل الخدمات المتطورة ـ التي تقدمها دوائر دبي لمتعامليها، والتي تعتبر واجباً من صلب عمل هذه الدوائر ـ من خانة الواجب والمسؤولية إلى منصة التباهي والتفاخر والعرض!

لا أعشق الانتقاد لمجرد الانتقاد، وذكرت أكثر من مرة أن برنامج دبي للأداء الحكومي كان فكرة أكثر من ذكية، واستطاع أن يحقق تغييراً كبيراً في الفكر قبل العمل في الدوائر كافة، وهو السبب الرئيس للنقلة النوعية التي مرت بها دبي على صعيد الخدمات الحكومية، وهو أساس انتشار ثقافة الجودة والتميز لخدمة العملاء، كما أن منتدى أفضل الممارسات الذي أقيم قبل معرض الإنجازات أيضاً فكرته رائعة ورائدة، إذ قامت الدوائر المتميزة بشرح نجاحاتها للدوائر الأخرى، وفي ذلك نشر لثقافة التميز.

وفي اعتقادي الشخصي كان يجب أن نكتفي بالمنتدى، فهو يغني بشكل كامل عن المعرض، وهذا لم يكن رأيي بمفردي، بل اكتشفت أنه رأي مديرين عامين كثيرين، وموظفين أيضاً شاركوا في المعرض، وقالوا رأيهم بكل صراحة، هذه الصراحة التي يجب ألا يزعل منها أحد، لأنها تهدف لمصلحة عامة، والمصلحة العامة تقتضي أن يكون معرض إنجازات دوائر حكومة دبي هو الأول والأخير من نوعه، لعدم جدواه.

«زيادة الشيء عن حده، تجعله ينقلب دائماً إلى ضده»، هي حكمة إماراتية شهيرة، وهذا ما حدث، فزيادة الحديث عن الإنجازات لدرجة إقامة معرض لها أفرغها تماماً من مضمونها، تماماً مثل نجاح نخلة جميرا في الوصول للعالمية، ووصفها بالأعجوبة الثامنة، وهي فعلاً كذلك، في حين لم ينجح مشروعا نخلتي جبل علي وديرة، على الرغم من أن الفكرة واحدة!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر