كل يوم

لا مقارنة.. والكل مطلوب!

سامي الريامي

«تويتر» و«فيس بوك» عالمان قائمان بذاتهما، وأصبحا ضرورة معرفية واجتماعية يصعب الاستغناء عنها، بكل سلبياتها وايجابياتها. إنهما واقع يجب التعامل والتكيف معه، ولا بديل عن ذلك.

ومع ذلك هناك مقارنة لا أعتقد أبداً أنها منطقية، تلك التي ترهن وجود الإعلام التقليدي المتمثل في الصحافة والقنوات التلفزيونية، بظهور الإعلام الحديث المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، للدرجة التي بالغ فيها البعض واصفاً الأخير بالسلاح القاتل الذي سيقضي على الإعلام التقليدي ويفنيه تماماً من الوجود.

المقارنة غير دقيقة، فضلاً أنها غير عادلة أبداً، تماماً كالمقارنة بين السيارات والمكوكات الفضائية، لن يقضي المكوك على السيارة، حتى وإن أصبح يباع في كل «سوبر ماركت»، ليس ذلك انتقاصاً من شأن المكوك، ولا إعلاء من شأن السيارة، لكن لسبب آخر تماماً، وهو أن كلاً منهما مختلف عن الآخر: هدفاً ووجوداً واستخداماً.

شبكات التواصل الاجتماعي، مرهونة بالتواصل الاجتماعي، فهي ليست منافسة للصحف، صحيح أن هناك مسؤولين ينشرون بعض الأخبار الخاصة بهم وبغيرهم فوراً، لكنها لا تغني أبداً عن نشر ذات الأخبار موسعة في الصحف، كما أن «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما.. تتغذى، وبنسبة كبيرة جداً تفوق الـ70٪ كما هي الحال في الولايات المتحدة، على الإعلام التقليدي، خصوصاً الصحف التي تعتبر المغذي الرئيس والمهم لكل شعوب الـ«تويتر» في العالم. الصحافة ستظل مهنة حيوية ومهمة ولا غنى عنها، ربما تتغير الوسائل والطرق، وربما نشهد تحولات في أشكال هذه الصحافة، لكنها في النهاية إن كانت مطبوعة على ورق أو على شاشات الكمبيوتر والموبايلات، فإنها ستظل صحافة مختلفة تماماً عن مفهوم التواصل الاجتماعي المملوء بالاختلافات والتناقضات والتوجهات، لأنه في النهاية آراء واختلافات بعيدة عن كل مهنية أو ضوابط. الفضاء والإنترنت لم يلغيا إلى اليوم أجهزة الفاكس، وكذلك القنوات الفضائية لم تلغ الإذاعات المحلية، بل استوعبتها وأصبحت تبث من خلالها، و«الإيميل» لم يلغ صناديق البريد، ومازال بريد الإمارات يحقق أرباحاً عالية، «وكلّ في فلك يسبحون»، لأن الكل مختلف عن الكل، ولذلك لا مبرر إطلاقاً لمقارنة الإعلام التقليدي بالإعلام الحديث، إن صحت التسمية، فهو في الأساس ليس إعلاماً، وعلى العكس تماماً نجد أن الإعلام التقليدي فاعل وموجود وبقوة في وسائل الاتصال الحديثة، فمعظم الصحف والقنوات التلفزيونية تزخر بمواقع إلكترونية حديثة، ومحدثة الأخبار، وهي أيضاً موجودة وبقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولها متابعون بالملايين، وهي كذلك تنشر أخبارها العاجلة باستمرار، وهذه الأخبار تحظى بالقدر الأكبر من الصدقية، وهنا تحديداً نقف عند آخر الأبحاث التي صدرت في الولايات المتحدة في هذا الشأن، وعرضت في مؤتمر الاتحاد العالمي للصحافة، الذي أقيم في العاصمة النمساوية فيينا قبل عامين تقريباً، إذ أكدت جميعها أن صدقية الصحف وثقة الناس بها لن تتزعزعا أبداً، بل ستبقى مواقع التواصل الاجتماعي كافة تستعين بالصحف، لإصباغ صفة الصدقية على وجودها، والسبب في ذلك يخضع للقوانين والأنظمة التي تتبع لها الصحف، التي من خلالها يستطيع القرّاء مقاضاتها إن تجاوزت حدود القانون، أما «تويتر» و«فيس بوك» فمن يستطيع دفع الأذى والإساءة عن نفسه إن أصيب بهما؟!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر