المغالاة في الشروط هي السبب

سألت أحد مقاولي البناء عن سبب ارتفاع كلفة البناء في الإمارات بالنسبة إلى دول الجوار الخليجي الأقل كلفة، فوضع أمامي جملة من الالتزامات المفروضة على المقاول، ثم رد السؤال إليّ قائلاً: من تعتقد سيتحمل هذه التكاليف المتصاعدة في النهاية غير المالك نفسه؟ مواصفات «فنية كل يوم شكل»، جعلت بناء فيلا أو بيت شعبي بمعايير بناء برج، رسوم بلدية صارت تنافس أسعار تجار المواد الاستهلاكية في المغالاة، رسوم عمالية ضاعفت كلفة جلب العامل مرات عدة، رسوم توصيل ماء وكهرباء تفوق أسعار السوق، شروط جديدة لإسكان العمال في المدن العمالية، ارتفاع أسعار المحروقات إلى أكثر من الضعف مقارنة بالأسعار الخليجية، وقيمة إيجارية لا تقارن بالسائد في دول الجوار، بالإضافة إلى سيل الغرامات التي تلحق بالمقاولين تحت بند المخالفات، والتي غالباً ما يحتاط لها المقاولون بتوسيع هامش الربح عند التسعير، لتجنب الوقوع في الخسارة إذا لم يتحقق الربح، والطبيعي ـ بعد كل ذلك ـ أن يسعى المقاول إلى تحقيق أرباح لقاء جهده، لذلك لابد من إحالة كل هذه الأعباء إلى المالك. والحقيقة أنه على الرغم من ارتفاع هامش الربح، الذي يعود للمقاولين في الإمارات وتحملهم شطراً من مسؤولية المغالاة في الأسعار، إلا أن كثيراً مما قاله هذا المقاول ـ ويشترك معه آخرون ـ فيه قدر كبير من الوجاهة والصدق، لذلك لن تكون منطقية مطالبة المقاولين بتخفيض أسعارهم والتخفيف من مغالاتهم، من دون النظر إلى كل هذه التفاصيل، وأن تبدأ المؤسسات الحكومية، المحلية والاتحادية، ذات العلاقة بمراجعة شروطها ومطالباتها وتخفيض أسعارها، ثم التدخل بعد ذلك لتحديد هامش منطقي لربح المقاول، فلا يستأثر وحده بالمالك.

adel.m.alrashed@gmail.com 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة