في الإمارات أرقى جمهور عربي
أجمل ما شاهدناه في مباراة المنتخب الأولمبي مع أستراليا، جمهور الإمارات الراقي، الذي زحف بكامل أطيافه إلى استاد محمد بن زايد، لمؤازرة ودعم الأبيض، في مشهد غاب عن الملاعب طويلاً، وبالتحديد منذ عام 2007 عندما أحرزنا لقب كأس الخليج الثامنة عشرة كأول إنجاز في التاريخ.
ولعب الجمهور دوراً مثالياً في الشد من أزر اللاعبين، ومنحهم الثقة اللازمة للصمود أمام هجمات الكنغر الأسترالي، ثم التماسك والثبات في المحافظة على هدف المباراة الوحيد الذي أحرزه «عموري» العين، من زاوية صعبة جداً، قد ترشحه للدخول في مسابقة أفضل هدف آسيوي في عام ،2012 ما رفع من أسهم الأولمبي إلى أعلى مستوى في الترشح للتأهل إلى أولمبياد لندن.
هذا الجمهور المتحضّر الذي هب من إمارات الدولة كافة، مسجلاً أعلى نسبة حضور للمباريات في السنوات الخمس الماضية، جاء بدافع الحب للمنتخب والوطن، والغيرة على شعاره، وإيماناً بدوره المهم، ليثبت أنه بالفعل لايزال حياً لم يمت، وبإمكان المدرجات أن تنبض بحضوره مجدداً إذا شعر بأن «إحساسه في مكانه»، وأن اللاعبين على قدر المسؤولية، ولن يخذلوه داخل الملعب، ولن يسمحوا لدموعهم بأن تنهمر مرة أخرى.
واعتقد الكثيرون أن كثافة الحضور الجماهيري الذي قارب 30 ألف متفرج ربما تشكل عاملاً معاكساً يضغط على اللاعبين نفسياً، ويربكهم، ويفقدهم التركيز في مباراة مهمة كنا نبحث فيها عن الفوز لا بديل، لكن المفاجأة السارة كانت بما رأينا من إحساس عالٍ بالمسؤولية، وحسن تصرف من كل المشجعين ومن قادوهم من رؤساء الروابط، وعلى رأسهم خالد حرية والعمدة، ونحن نشاهدهما يوجهان الحضور بالهتاف الجميل والتصفيق في الوقت المناسب، والمحافظة على الدعم «اللوجستي» حتى صافرة النهاية.
دخل الآلاف من الجماهير متزّينين بالأعلام واللافتات، وجلسوا بانتظام حول الملعب، من دون أن يفصلهم أي ستار عن العشب الأخضر، كما لم تسجل حالة واحدة للخروج عن النص، باستثناء أعداد بسيطة جداً لا تذكر، وتُعد على أصابع اليد، اقتحمت أرض الملعب بعد المباراة، بهدف الاحتفال مع اللاعبين، وأعادتها الشرطة مباشرة وبكل هدوء إلى أماكنها، علماً بأن مثل هذا النوع من الملاعب المفتوحة لا وجود له عربياً ومعتمد فقط في أوروبا، بسبب عدم قدرة العديد من البلاد العربية على السيطرة على جماهيرها من دون سياج فاصل، بل إن الشغب والفوضى حدثا في دول قريبة، رغم الحوائط الفولاذية والاحتياطات الأمنية التي كانت تعزل المستطيل الأخضر عن مقاعد الجمهور.
كما تميز جمهور الإمارات بالتضحية بوقته وعمله من أجل تلبية دعوة مباراة المنتخب التي أقيمت في وقت صعب على الموظفين وطلاب الجامعات والمدارس، فضلاً عن تناسي الانتماءات للأندية، والانسجام في التشجيع على قلب رجل واحد، وقبلها بأيام شاهدنا جمهوراً يزحف من النصر والوصل والأهلي والإمارات والعين لتشجيع الشباب في مهمته أمام نيفيتشي الأوزبكستاني ضمن دوري أبطال آسيا.
هنيئاً لمنتخب الإمارات هذا الجمهور الوفي، وموعدنا يوم 14 الشهر المقبل في طشقند.
http://twitter.com/#!/ahmad6663
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .