من المجالس
يوم للنسيان
مرّ اليوم العالمي للغة العربية.. هل شعرتم به؟ هل كان له نصيب يسير مما كان ليوم «فالنتاين» العاشق في المراكز التجارية والجامعات ومكاتب العمل؟ هل رأيتم ،مثلاً، حرف الضاد يزيّن إحدى ردهات المولات، كما تفعل مع شجرة «الكريسماس»، ودب «فالنتاين» الأحمر، وغيرهما من المناسبات التي تدر الأموال وتعيد برمجة العقول؟ هل أعلنت مدارسنا عن يوم الأول من مارس ليكون أحادي اللغة، فلا كلام إلا بالعربية، ولا كتابة إلا بحروف العربية؟ ليوم واحد فقط تنفرد فيه لغتنا الأم بأولادها وبناتها من دون أن تزاحمها الإنجليزية المدللة، التي أعمت أضواؤها الكاشفة الكثير من الأبصار والبصائر.
ربما يقول قائل: وما فائدة أن يعلو الضجيج بالعربي ليوم واحد ثم يخفت بعدها لتتوارى الضاد وأخواتها 364 يوماً يفعل كل يوم منها فعل أضعاف ذلك اليوم الاحتفالي اليتيم في تشكيل الثقافات وصياغة القناعات وتوجيه التصرفات؟ وذلك حق، ولكن كان يمكن أن يتم التحضير لهذه الزيارة السنوية العابرة بشكل أفضل بكثير مما كان، فتسبقه أيام من الاستعداد وتلحقه أيام من الذكريات ربما تحفّز الذاكرة وتحرك الغيرة في بعض النفوس الراكدة، وتلفت النظر إلى تلك الأم التي نُقلت إلى دور المسنين ومراكز العجزة. هو يوم واحد.. ومع ذلك بخلنا عليه في الاحتفاء، وعجزنا أن نحجز لاحتفاليته مكاناً محبباً في نفوس أطفالنا، كما يفعل، وبجودة عالية، مسوّقو أيام الحب والخوف والميلاد في المراكز التجارية والفنادق ومدارس تلقين مبادئ العولمة الزاحفة.
وربما يقول قائل: إن الحفاظ على اللغة العربية مسؤولية البيت والأسرة أولاً. وإن صحت هذه المقولة، فماذا تفعل الأسرة مقابل طوفان يغير ملامح البيئة بأكملها ويربط كسب الأرزاق بالبقاء بعيداً عن العربية وحماها؟
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .