مزاح.. ورماح
«الدنيا دوّارة»!
منذ نعومة أظفارنا يعلمنا الكبار أصول الأدب: إذا شتمك أحدهم فلا ترد عليه فإن الشتيمة ستدور وتدور ثم تعود لمن قالها! كن مؤدباً وقل له: الله يسامحك، كنت أستغرب كثيراً لتصرف «الشتيمة»، بحسب ما يقوله الكبار، لماذا تدور وتدور قبل أن تذهب له؟ أليس من الأسهل والممكن أن تذهب له مباشرة.. لكنه النمط العربي!
نؤمن بمبدأ المداورة وتقليب الأيام، لكننا نجعله سبباً للتكاسل، فالكل يؤمن بأن الأيام دوارة مثل الخيارة، لكن التطبيق يكون بالتواكل، اترك المشكلات فستدور الأيام وتصبح مشكلاتك هي مشكلات غيرك، اقترض من البنوك فستدور الأيام ويفلس البنك ويفاوضك على نصف القيمة، لا تطمح إلى الترقي الوظيفي فلو حصل فستدور الأيام ويلقى بك إلى فرع المؤسسة في جزيرة أبوموسى! لا داعي لحمل السلاح ضد أي من يعتدي على أرض عربية فستدور الأيام ويخرج البطل القابع في أحد سراديب ألف ليلة وليلة ليعيد للأمة مجدها!
لشدة إيماننا بأننا لا نملك أن نغير شيئاً نستعير مبدأ المداورة لنصبغ به أبجدياتنا الإدارية: دوران وظيفي، دورة رأس المال، مداورة الخبراء على الإدارات.. وبالطبع يؤدي هذا الأمر دائماً إلى وضع الدراسات التطويرية الحقيقية والقرارات الصعبة في «دورات» المياه!
حتى أنظمتنا التخطيطية تأثرت بشكل مباشر بهذا الإيمان، فالدوارات تنتشر أكثر من أي حلول مرورية أخرى، دوار الحصن، دوار الثقافة، دوار بوكدره، دوار الصقر، لم نستخدم كلمة ميدان أو صينية.. الدوران أجمل ولا تنسى دائماً القاعدة الأولى: الأولوية للقادم من اليسار!
حين تفقد أمراً كانت العرب تبحث عنه، والأجانب «يقوقلونه عبر غوغل»، أما نحن فـ«ندور» عنه، أجمل ما كتب في الأدب لدينا كان عن الأشياء المدورة، اخترعنا العجلة، ومازالت أجمل لعبة لدى أطفالنا وبناتنا هي الدوران والدوران والدوران..
حتى السقوط!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .