مزاح.. ورماح

«الكلاسيكو»

أحمد حسن الزعبي

مازلت أعاني المشكلة نفسها منذ سنوات، كلما تقدّمت خطوة في أحد الفحوص تراجعت خطوات في الذي يليه، فلديّ «الكوليسترول والدهون الثلاثية»، تماماً مثل «الكلاسيكو» برشلونة وريال مدريد، إذا تراجع أحدهما تقدم الآخر بفارق كبير، وإذا تقدّم أحدهما تراجع الآخر بفارق كبير، لكن لم تحصل معي إلى الآن أن تراجع الاثنان معاً وعادا الى حدودهما الطبيعية في جسمي.

المشكلة كلما صارت حميتي أكثر قسوة، وعلاجي أخذ الحد الأقصى من الجرعات، ظهرت النتائج معاكسة، لأجد الدهون الثلاثية قد ارتفعت ثلاثة أضعاف الطبيعي، والكوليسترول الحميد انخفض إلى نصف الطبيعي، وكلما «فرطت» الحمية وتناولت ما تأمرني به نفسي الأمّارة بالدسم، نزل منسوب الدهون في الجسم إلى أعلى من المعدّل الطبيعي بـ30٪ فقط.

ومع ذلك أنا غير راضٍ عن نفسي على الإطلاق، على الرغم من أني لم أترك طبيباً إلا وطرقت بابه ووضعت أمامه نتائجي «الخايبة»، كما لم أترك دواءً محلياً أو أجنبياً يكتب لي وصفة طبية إلا واستخدمته والتزمته طوال فترة العلاج، مع الحفاظ على الحمية القاسية جداً، من خبز أسمر ولبن منزوع الدسم و«خرمشة» الخس، و«عضعضة» الجزر و«بلع» الدجاج المسلوق كرهاً على كره، كما كنت أحرص على ممارسة بعض التمارين الرياضية كلما سمحت لي هموم الدنيا ومشاغلها.

طبعاً لم أعتمد على العلاج المركّب فقط، فـ«الأجاويد» من أقارب ومعارف لم يقصروا بإعطائي وصفاتهم الشعبية متبعين وصفاتهم تلك: بـ«وحدة.. بوحدة» ليبرهنوا نجاعة دوائهم العربي، فقد شربت ما يعادل المحيط الأطلسي من «القرفة» وبحجم بحر العرب مغلي «الزنجبيل» وما يعادل ثلاثة أطنان من بزر الشوفان، كما قضيت على محصول غور الأردن من «الفلفل الحلو» و«الباذنجان» والفاصولياء، ومع ذلك بقيت نسب الدهون أعلى من معدلاتها في مثل هذا الوقت من العام، لم يبقَ عليّ إلاّ أن أشرب علبة «كلوركس» وكوباً مملوءاً من سائل الجلي «غولدن» علّه يذيب الدهون ويريحني.

في آخر زيارة لطبيبة الغدد الصماء، بشّرتني بأنني أقف على أهبة «الجلطة» بسبب تراكم الدهون الثلاثية والكوليسترول المؤدية من وإلى القلب، ثم قالت: عليك بالخضراوات فقط إلى أن تستقر أمورك، قلت لها: يا دكتورة «الخروف» لا يأكل إلا عشباً ومع ذلك له «إلية»دهنية تزن خمس جسمه، و«القط» لا يأكل إلا لحماً وشحماً ومع ذلك قوامه رشيق ولا يتجاوز وزنه الكيلوغرامات الثلاثة، عمرك شفتي «قط» انجلط؟ لم تجد إجابة تقنعني بها إلا أنها ضحكت، وقالت: كل واحد ونصيبه!

أخيراً توصلت إلى قناعة: إن جسمي يشبه اقتصادات دول العالم الثالث، التي مهما تقشّفت تبقى مديونيتها عالية، وأنا مهما «تقشّفت» تبقى «مدهونيتي» عالية أيضاً.. هكذا نصيبي!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر