يدي على قلبي مرتين
كلما قرأت عن حادث طريق أزهق روح شاب أو أكثر وضعت يدي على قلبي مرتين، الأولى على ولدي الذي ركب سيارته «قابضاً للخط»، والثانية على أبناء البلد الذين تقدمهم الحوادث قرابين لهوس الغرور وجنون السرعة. وأحسب أن هذا شعور لا أحتكره بل هو هاجس أصبح يقض مضجع الوطن على أعلى مستوى، الأعمار بيد الله، لا شك في ذلك. ولكن رمي النفس في التهلكة ليس من سنن الخالق جل وعلا، بل هو المخالفة والخروج على الأمر الإلهي، وما يحدث اليوم في شوارعنا الخارجية والداخلية جعلها ساحات للموت وأماكن لإثارة القلق والخوف من أن يخرج الشاب راكبا سيارته في رحلة ذهاب بلا عودة، وتنتقل السيارة إلى مقابر «السكراب»، بعد معركة سحل على الإسفلت بلون الدم ورائحة اللحم البشري.
كان الخبر مستغربا، وأصبح اليوم مألوفا رغم الحرقة وقسوة التبليغ، فلا يكاد يمر يوم أو بعض يوم إلا زُفّت لنا الأخبار دخول شباب جدد في قوائم ضحايا الطرق، وليس واضحا إن كان معظم هؤلاء هم ضحايا حقا أم هم الجاني والضحية في الوقت نفسه، فعلى الرغم من اتخاذ السلطات أعلى مستوى الاحتراز لحماية الشباب من جموح نفوسهم، على مستوى جودة الطريق أو صرامة العقوبة أو تنوع وسائل التوعية والإرشاد، فإن الإجراءات لاتزال تعجز عن لَجْم ذلك الجموح، وتفشل في ترويض الغرور.
وأحسب أن العيب ليس في ثقافة الطريق وحده، بل هو خلل في ثقافة عامة، الطريق أحد وجوهها، وذلك هو الفرق الذي يمكن أن نراه في تعامل الإنسان الغربي مع الطريق، سائقاً كان أو ماشياً ينتظر عبور إشارة المرور.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .