بين «ديور» و«الليلام»
لست من عشاق الماركات، ولم أسجل اسمي في يوم من الأيام في كراسة هواة جمع المقتنيات الثمينة ولا حتى غير الثمينة، ولم أحدث نفسي يوما بقراءة السير الذاتية لـ«ديور» وربعه أو ربيعاته، لا فرق، لأن لقصص النجاح عندي قراءة مختلفة، لكنني كذلك لست من مشجعي «التقليد»، ليس التزاما بقوانين حماية الملكية الفكرية، التي غالبا ما تكون جائرة لمصلحة الأقوى وتكيل بمكيالين، وربما أكثر مثل الكثير من القوانين والتشريعات الدولية، وإنما لأنني لا أحب أن أكون شخصية زائفة بمظهر مزوّر ظاهره «كشخة»، وباطنه فيه خواء.
فهل يعني ذلك ألاّ نلبس ولا نتعطر ولا نتزين؟ هل يعني أن بين الماركات «الراقية» وتقليدها منطقة فارغة تجعل الخيار محصورا بين تلك وهذه فقط لا غير؟ إما ردهة الماركات في «المول» أو «راعي الليلام»؟ المنطقة الفاصلة بين الغالي والرديء واسعة ومملوءة ومتنوعة وبأسعار معقولة، وهي بالمناسبة بضائع أصلية وبعضها يحمل أسماء ماركات عالمية مسجلة وعريقة، لكنها ليست من شريحة «ديور»، و«شانيل»، ورفيقاتهما التي تبيع الوجاهة قبل البضاعة، لمن اختزل الوجاهة في نظارة شمسية، وتلك التي تخشى العيب إن لم تحمل حقيبة ختمت بعلامة إحدى تلك الماركات. لذلك فإن اللجوء إلى المقلد ليس الحل الأمثل للبسطاء وأصحاب الدخول المحدودة، والتعامل مع «الليلام» لا يعني البديل المناسب، وإنما هو المغامرة بالصحة، والبديل المناسب للاثنين يكمن في إعادة برمجة النفوس، لتكون أكثر تواضعا وفهما لموضوع الأناقة في الأولى، وأكثر وعيا واطلاعا على البدائل التي تجسد الزينة بمعنى الاحتراز والتوفير للثانية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .