هزّي يا عواصم
قفزت عيناي من مكانيهما - كما لو في أفلام الكرتون - عندما وقعتا على خبر احتضان مدينة مراكش المغربية المهرجان الدولي للرقص الشرقي، وبمشاركة دول عدة في الشرق الأوسط، من بينها «إسرائيل»!
بصراحة أول ما قرأت الخبر دبّ الرعب في قلبي بسبب كلمة «دولي»، لأننا اعتدنا منذ الأزل سماعها إذا ما ارتبط الأمر بقرار سياسي، أو مؤتمر اقتصادي، أو تنسيق لإعمار دولة أنهكتها الحروب، أو مناصرة مقاومة شرعية، أو فرض عقوبات اقتصادية، أو تنسيق أمر أمني ما.. أما أن تجتمع دول «لترقص»، فهذا الذي لم نعتده على الإطلاق. لا والأنكى من ذلك كله أن المؤتمر لم يكن ليجري ولا للخصور أن «تتمايل» دون مشاركة «إسرائيل»! «إسرائيل».. التي رقصت على أحزاننا وجراحنا وهزائمنا العربية منذ الـ،48 مروراً بالـ67 والـ82 بمجازر صيدا وغزة وقانا.. «إسرائيل» هذا الكائن المكتوب بين قوسين، المفتوح بين جرحين.. هذا الحزام المشدود على خصرنا حتى الموت، الآن ندعوه ليراقصنا؟! والله غريب.
منذ قراءة الخبر أخذت عهداً على نفسي ألا أنحرف بوجهة المقال إلى السياسة، وها أنا أحاول أن ألمّ نفسي من جديد لأخبركم أن هذا المهرجان «الدولي» يأتي تحت إشراف 14 أستاذة راقصة، ويحمل شعار «مهرجان البحر الأبيض المتوسط للبهجة»، بصراحة للمرّة الأولى أعرف أن مهرجان الرقص يحتاج إلى شعار، كل فكري أن جميع الوفود المشاركة تقف على «الستيج»، وتقدّم خبراتها المختزلة ما بين الأقدام والخصور!
«مهرجان البحر الأبيض المتوسط للبهجة»! ربنا ستر ولم يتخذوا شعار «الرقص الشرقي واقع وتحديات»، أو «الوسط بين مطرقة الهزّ وسندان فرك الكعب»، أو «الرقص الشرقي في الربيع العربي»، أو «الوحدة ونص واقتصادات السوق المفتوح»، كما أنني للمرة الأولى أعرف أن الراقصة الخبيرة التي تقيّم المشاركات تسمّى «أستاذة راقصة»، طبعاً دون أن أعرف كيف تدرّجت هذه الزميلة، لتحصل على هذا اللقب، وهل هناك أستاذة مساعدة راقصة، وأستاذة مشاركة راقصة، و«فل بروفيسور راقصة»؟ لا أدري.. ولا أريد أن أدري.
شي «بيهزّ البدن»!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .