ملح وسكر
استقبال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الدولة، أبناءه لاعبي المنتخب الأولمبي وجهازهم الفني، جاء ليكون أفضل تكريم لهم بعد الإنجاز الكبير الذي حققوه بالوصول إلى أولمبياد لندن .2012 فقد كانت لحظة رائعة تلك التي احتفى بها القائد بأبنائه اللاعبين، فكان الحديث فيه من الدفء والحنان الشيء الكثير، كحال لقاء الأب بأبنائه، حيث كانت كلمات الثناء والإشادة بمثابة الشهادة والوسام الذي وضعه اللاعبون على صدورهم، فهو الحافز والسلاح القادم في لندن. نعم فرحة سموه كانت كبيرة بهم، من خلال ما لمسناه من حفاوة الاستقبال والابتسامة الواضحة على محياه، والفرحة التي غمرته بهذا الإنجاز، بالإضافة إلى حرصه على التحدث مع معظم اللاعبين والتقاط الصور التذكارية معهم، حيث أشار اللاعبون إلى أنهم بالأمس فقط شعروا بلذة الإنجاز وطعم الانتصار والتأهل الذي تحقق. فالتكريم جاء من أهله، فهو ليس بالغريب أو الجديد، كون المقام هنا يعجز عن ذكر مناقبه ومواقفه وأياديه البيضاء الكريمة التي تعد النبض الذي تنبض منه كرة ورياضة الإمارات. فـ«شكراً» قليلة في حق سموه الكريم، لكن رد الجميل لن يكون إلا بتحقيق انجاز آخر هناك في لندن، بإذن الله، فهو هدف آخر غير مستحيل أو صعب على هذه الكوكبة من النجوم!
المعاناة مستمرة والموقف بات يتعقد شيئاً فشيئاً، وساعة الرحيل بدأت عقاربها بالدوران كما يبدو للجميع، فالخسارة الكبيرة والقاسية التي مُني بها أخيراً فريق الشارقة على أرضه و بين جماهيره، كشفت عن ذروة التردي التي وصلت إليها حال الفريق بعد أن باتت قواه تنخر و تنهار جولةً بعد أخرى. النتيجة وضحت الفارق بين ما كان يطلق عليه الملك وبين زعيم الحاضر، ففريق في قمة النشوة و الانتعاش والآخر في ذروة الإحباط والانكماش. فهناك أخطاء وعبث فني يحدث ويستمر من لقاء إلى آخر، بل إن هناك غياباً للروح والعزيمة اللتين كانتا ميزة النحل في الماضي. نعم تغيرت أمور كثيرة لكن المكتسبات لا يمكن أن تدمر بهذه الطريقة وهوية الفريق المعروفة لا يجوز طمسها بتلك الصورة القاتمة، فلم يعد هناك شكل أو حتى مضمون للفريق، حتى إن الرهان على أن التاريخ سيقف في صف الفريق في الجولات المتبقية، كما يعتقد البعض، لا يمكن الاعتماد عليه في ظل المعطيات والنتائج الحالية. فالوضع بات صعباً وحرجاً، والمؤسف أن الفريق واقعياً دخل الدوامة ووصل إلى مرحلة الموت السريري بعد تلك الخسارة، التي يبدو كأنها أعطت إشارة الإعلان عن أن زمان الملك ولى وراح!
ما يحدث من تراشقات وتجاذبات على الهواء لا يخدم المشاهد والمتابع بقدر ما يغثه ويبعثر من أفكاره وفهمه لما يدور داخل أروقة الوسط الكروي، فتلك الشطحات التي نشاهدها أحياناً من البعض كفيلة بإثارة الحساسية والمشكلات بين الفرق وجماهيرها، إذ لا يعقل أن يكيل أحدهم بمكيال الانتماء لهذا النادي على حساب الآخر، كون الجميع أمام الشاشة يفترض أن يكونوا سواسية في الوصف والتحليل والإنتقاد وكذلك الحال عند المدح والإشادة. فالشاشة ليست قاعة مرافعة ودفاع كما يعتقد البعض، ممن يسرحون ويمرحون أمام أعين المشاهدين من دون احترام لأذواقهم وألوانهم التي يشجعونها، ومتى ما وصل الأمر إلى ذلك الحد الذي اعتدنا معايشته في الآونة الأخيرة، فإنه لابد من بتره وقطعه، كي لا تتفاقم المشكلة وتتحول إلى أزمة ستُفقد من خلالها الثقة والصدقية. لذلك فالعملية تحتاج إلى إعادة نظر وترتيب وهدوء في تداول الأحداث ووصفها بشفافية وأمانة، من دون محاباة لأحد أو مباغضة لآخر، فالهدف في الأخير المصلحة العامة التي تهم الجميع، عدا ذلك كفى الله المشاهدين شر الكلام وما يقال هنا وهناك!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .