مزاح.. ورماح
«شحم لحم..!»
لن أنسى ذلك الموقف حين كنت أسير في شوارع عاصمة تايلاند برفقة زميل «مطوّع»، وقد استبد به الملل لكثرة ما أكلنا في أسبوعنا هناك من أسماك وخضراوات مجففة وحشرات، كنا نأكل كل شيء لكي نتجنب أكل اللحوم التي يشك صاحبي في أنها مطبوخة على الطريقة الإسلامية، ويظن أن أي شيء هناك، وإن كان في منطقة «نانا»، التي أتوقع أن تعلن قريباً الدولة الـ23 في جامعة الدول العربية، يظن أنه مقتول أو مصعوق على غرار الكلاب التي يعلقها الصينيون من رؤوسها، لذا فقد كانت سعادة صديقي كبيرة عندما اقترب منه شاب لطيف يحمل «كاتلوج»، وهو يبتسم ويسأل صاحبي إذا ما كان يريد «شحم لحم»، وسأله مطوعنا «حلال؟»، فأجاب: حلال حلال، قبل أن أتمكن من الوصول إلى تلك المنطقة الفارغة بين عيني صاحبي و«الكاتلوج»، الذي كان يحمله بائع «الشحم واللحم» لأحول بينهما، سقط نظر «المطوع» على محتويات «الكاتلوج»، وسأحتفظ لنفسي ببقية القصة، ومن باب إطفاء فضولكم إليكم بعض الكلمات المتقاطعة: «إغماء، ماي، نشادر، بصل، ابي زوجتي، قوم نصلي، علي غسل، باروح، بارد البلاد، أي أي، شو تسوي... إلخ»، ولكل منكم استعمال مخيلته الخاصة!
حقيقة سمعة الرجل الخليجي السياحية تحتاج إلى إعادة بناء، فمجرد كونك سائحاً خليجياً يعني «باي ديفولت» أنك سائح قليل أدب والكثير يروون قصصاً شبيهة في جميع نواحي الدنيا: لندن، مصر، سورية، أوروبا الشرقية، سقطرة، إندونيسيا.
لايزال الإعلام، والإعلام العربي نفسه، يرسخ هذه الصورة، يمكنك مشاهدة أي فيلم مصري لترى أن لقطة النادي الليلي يجب أن يكون فيها واحد أو اثنان ممن يرتدون الغتر على طريقة «صعاليك ولكنهم شعراء»، ويجب أن يكون أحدهم يدعى «الشيخ همام» يبثر نقوده هنا وهناك، وقد جلست على يمناه واحدة من «إياهن!».
نحتاج إلى بناء سمعة حقيقية جديدة للرجل الخليجي، الذي يحب الثقافة والفن، ويتحدث عن حوار الحضارات.. نحتاج إلى وضع رجل خليجي في كل ملصق دعائي عن مشروع علمي أو حضاري أو فني، سواء في وسائل الإعلام العربية أو في الوجهات السياحية، فما أفسده جيلنا سيؤثر في جيل مقبل.. وربما أجيال إن لم ننتبه مبكراً إلى صورتنا لدى الآخر.
وبالمناسبة، وعلى سيرة حوار الحضارات، «حد عنده بروكسي؟!».
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .