إيران المتضاربة
تفتقد السياسة الإيرانية الانسجام حتى مع نفسها، وتتضارب حتى مع خطابها، ففي مكان تصنف نفسها عدواً للاستكبار، وفي مكان آخر تمارس هذا الاستكبار بمنطق السمك الكبير والسمك الصغير، وفي موقع توجه خطابها بالدعوة إلى الوحدة الإسلامية، وفي مواقع أخرى تعمل على تفتيت هذه الوحدة، إما بدعوى عنصرية شوفينية استعلائية، تُزايد فيها على دعاوى المرحلة الشاهنشاهية المقبورة، وإما بدسائس الطائفية البغيضة. وفي مقام تحض فيه على احترام خصوصية الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها، وفي مقام آخر تستبيح خصوصيات الآخرين، وتتدخل في شؤون الدول الأخرى ولا تدخر جهدا في إثارة الفتن فيها. وفي جانب تدعي إيران نصرتها للثوار والمحرومين، وتتاجر ببضاعة المظلومية التي جعلتها ثقافة تمارس بها هيمنتها، وفي جانب آخر تخون المحرومين وتتنكر للثوار وتنحاز للظالمين.
وفي الوقت الذي تكون فيه إيران الآن بأمس الحاجة إلى كسب ثقة جيرانها، لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية الدولية عليها، بسبب برنامجها النووي، يقوم رئيسها بأكبر عمل استفزازي ينتهك به سيادة أراضي دولة الإمارات، التي سعت دائما كي لا يكون الاحتلال الإيراني ـ لجزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ـ سببا للتوتر في العلاقات بين البلدين والمنطقة، وتسبقه حملة إعلانية وإعلامية هستيرية معادية، حول فارسية الخليج وملكية إيران لكل ما ومن يقع على الخليج.
نفهم ما يقال حول تصدير الأزمات الداخلية بإثارة أزمات مع الخارج، ونفهم أن المتاجرة بالمبادئ فن رخيص، هو مهنة المواهب الفاشلة، لكننا لا نفهم أن تعمل قيادة على جرجرة بلادها نحو المزيد من الغوص في مستنقع صناعة الأعداء، وهي الأشد حاجة إلى شحذ الأصدقاء.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .